أخر خبر |
يبدو أن حصار ما بدأ يتشكل ويضيق حول الداعية الاسلامي الدكتور يوسف القرضاوي، وهو حصار لا يعنيه هو بالذات، بقدر ما يعني "جماعة الأخوان المسلمين" التي يعتبر القرضاوي بمثابة الرمز لها، أو الشيخ، أو المرشد الأعلى، وهي الجماعة التي حصد الأغلبية البرلمانية في دول الربيع العربي، "مصر ، وليبيا، وتونس"، وفي الطريق سوريا، وأثارت توجهاتها القلق ليس في دول الربيع نفسها، ولكن في دول الخليج التي باتت تخشى من ظاهرة الأخوان التي تتسلل من دولة لأخرى.
خطوة الحصار الجديدة كانت هذه المرة فرنسية ، حيث أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الداعية القطري والمصري الأصل الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي شخص غير مرغوب فيه على الاراضي الفرنسية.
ودعي القرضاوي للمشاركة في التجمع السنوي لاتحاد الجمعيات الاسلامية في فرنسا الذي يقام في بورجيه، قرب باريس الى جانب الداعية المصري محمود المصري.
ويأتي قرار منع القرضاوي من الدخول إلى فرنسا تلبية لاحتجاجات داخلية على ظاهرة الاسلام السياسي، وتوجس الكثير من الفرنسيين من انتشار الفكر المطرف، وقد تزايدت هذه الهواجس بعد حادثة المدرسة اليهودية في تولوز الذي هاجمها الشاب الفرنسي الجزائري الأصل موقعا أربعة قتلى، وحادثتين سابقتين لنفس الشخص أوقعت ثلاثة جنود فرنسيين قتلى.
ويأتي القرار الفرنسي أيضا بعد أسابيع من الهجوم الذي شنه قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان على القرضاوي، وتوعده بإصدار مذكرة لاعتقاله، وذلك ردا على انتقاد القرضاوي لحكام الأمارات بسبب طردهم لمئات العائلات السورية بسبب تظاهرها امام سفارة بلا\دها في دبي تنديدا بحكم بشار الأسد.
أعقب هجوم خلفان صدور تصريح من نائب جماعة الأخوان المسلمين محمود غزلان الذي سخر من تصريحات خلفان، وقال أن الإمارات لا تستطيع اعتقال القرضاوي لأن "العالم الإسلامي كله سيقف حينئذ في مواجهة الإمارات".
الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد ، حيث حذر الفريق ضاحي خلفان دول الخليج مجددا من "الأخوان المسلمين" ، وقال أنهم "يخططون للاستيلاء على دول الخليج"، وأنهم "سيبدأون من الكويت عام 2013".
ومنذ اندلاع الحركات الاحتجاجية التي سميت فيما بعد بثورات "الربيع العربي" جاءت مواقف القرضاوي (86 عاما) وفتاواه متسقة مع الدبلوماسية القطرية.
وفور اندلاع التظاهرات في مدينة بنغازي في الشرق الليبي في فبراير 2011، صرح القرضاوي لقناة "الجزيرة" ان الزعيم الليبي السابق معمر القذافي "انتهى".
واثناء الانتفاضة في ليبيا، لعبت قطر دورا مهما في دعم المتمردين وكشفت بعد الاعلان عن مقتل القذافي انها ارسلت جنودا الى الميدان لتقديم المساعدات "للثوار" الليبيين، وتؤكد أوساط الداعية أن تدخل الحلف الاطلسي في ليبيا نال الشرعية الدينية بفتوى اصدرها القرضاوي بهذا الشان.
ويعطي رجل الدين انطباعا بانه يريد تصفية حساب قديم مع الانظمة العربية ذات الصفة العلمانية، وذلك منذ ان غادر بلده الاصلي مصر حيث تعرض للسجن بسبب انتمائه الى جماعة الاخوان المسلمين ابان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وقد منحت قطر جنسيتها للداعية الذي تبنته وقدمت له منبرا يتمثل بقناة "الجزيرة" التي اتاحت له فرصة الظهور كرجل دين يندد بانظمة الحكم الفردي، رغم أن "قطر" التي تدعمه نموذج للحكم الفردي.
وفي حين يؤكد البعض أن القرضاوي معتدل، يبقى هذا الامر غير مؤكد حيث يشير معارضوه الى رفضه فصل الدين عن السياسة ومعارضته الشديدة لمدنية الدولة.
والقرضاوي ضيف دائم عبر برنامج "الشريعة والحياة" على شاشة قناة "الجزيرة" القطرية ، التي تحظى بنسبة متابعة مرتفعة في العالم العربي،ويرد من خلال البرنامج على اسئلة تتعلق بتطبيق الشريعة ونواحي اخرى.
وفي فبراير 2008، رفضت بريطانيا منحه تاشيرة دخول، واعلنت وزارة الداخلية انذاك أن لندن "لا تقبل وجود من يبررون أعمال العنف الارهابية". كما منعته الإمارات من الدخول.
وفي المقابل عاتب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه القرضاوي فرنسا على رفضها منحه تاشيرة دخول، مدينا في الوقت نفسه "العملية الارهابية" التي حصلت في تولوز مؤخرا، في اشارة الى الهجوم الذي نفذه محمد مراح وقتل فيه اربعة اشخاص من بينهم ثلاثة اطفال.
وقال امين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ علي القرداغي لوكالة فرانس برس "نستغرب و نعاتب فرنسا لرفضها منح الشيخ يوسف القرضاوي تاشيرة دخول الى اراضيها"، لكن القرداغي اضاف ان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "يحترم سيادة كل الدول وقراراتها من حيث المبدا" واعرب عن امله في ان يتمكن القرضاوي من زيارة فرنسا.
في المقابل، نفى احد مساعدي الشيخ القرضاوي ان يكون هذا الاخير قد تقدم بطلب تاشيرة دخول الى فرنسا، وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه "الشيخ لم يتقدم بطلب تاشيرة من السلطات الفرنسية، وقد يكون اتحاد المنظمات الاسلامية فعل ذلك بموجب الدعوة التي وجهها اليه".
لا توجد تعليقات مضافة