طالبت منظمة العفو الدولية بإطلاق سراح صحفيين بريطانيين وزملائهما الليبيين فوراً، أو أن يجري تسليمهم جميعاً إلى الحكومة وإيداعهم في عهدتها، ولا تزال ميليشيا السويحلي المسلحة تحتجز الصحفييْن البريطانييْن نيكولاس ديفيس-جونز، وغاريث مونتغومري-جونسون وزملائهما الليبيين منذ أن ألقت القبض عليهم في طرابلس في وقت مبكر من الحادي والعشرين من فبراير الحالي.
وقد احتجزت ميليشيا السويحلي – التي تتمركز في مصراته غير أنها تمتلك عناصر تابعة لها في طرابلس ومناطق أخرى من البلاد – الصحفيين وزملائهما أثناء تصويرهم لمشاهد في العاصمة طرابلس. وتتهم الميليشيا الرجليْن البريطانييْن بدخول ليبيا دون استصدار تأشيرة دخول حسب الأصول.
وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: "إن احتجاز أولئك الصحفيين لهو أمرٌ غير مشروع وتعسفي، ويجب على آسريهم من أفراد ميليشيا السويحلي أن يبادروا إما إلى إطلاق سراحهم فوراً، أو تسليمهم إلى السلطات المركزية في ليبيا".
وأضافت حاج صحراوي: "وإذا كانا محتجزيْن لمخالفتهما قوانين وأنظمة تأشيرات الدخول، فيتعين حينها على السلطات المركزية الإفراج عنهما".
وأخبرت أسرتا الصحفييْن البريطانييْن منظمةَ العفو الدولية بأنهما يعتريهما عميق القلق حيال سلامة الرجليْن.
وقد أخطرت السلطات البريطانية أسرتا الصحفيين بأن موظفين من السفارة البريطانية قد قاموا بزيارتهما في ما لا يقل عن مناسبتين مختلفتين، حيث أفاد موظفو السفارة بأن كلا الصحفيين يتمتعان بصحة جيدة، ولكن تبدو عليهما آثار الإرهاق الشديد.
ولقد أكد أحد المسؤولين في وزارة الداخلية الليبية أن ميليشيا السويحلي تحتجز بالفعل الصحفيين نيكولاس ديفيس-جونز وغاريث مونتغومري-جونسون. وأضاف بأن عناصر الميليشيا المذكورة "يعملون بشكل خارج على القانون، وأنهم لا يخضعون لسيطرة السلطات"، مشيراً إلى أن قيادة الميليشيا قد رفضت الدعوات المتكررة التي وُجهت إليها بتسليم أسيريها إلى السلطات.
وفي صباح يوم الثلاثاء، أكد ممثل لعدة ميليشيات مسلحة من مصراته وتنشط في طرابلس بأن الرجلين لا يزالان محتجزيْن في مقر ميليشيا السويحلي في طرابلس، ولا تتوفر أية معلومات حول هوية أو وضع الرجال الليبيين الذين احتُجزوا رفقة الصحفييْن البريطانييْن.
ويأتي احتجاز الصحفييْن بطريقة غير مشروعة كحلقة أخرى في سلسلة نمط أوسع انتشاراً في ليبيا، حيث تنشط مئات الميليشيات المسلحة خارج أُطر القانون في تحدٍ صارخ للدعوات التي وجهتها إليها السلطات المركزية بضرورة حل تنظيماتها، وانضمام عناصرها إلى قوى الأمن والجيش.
ولا يزال عناصر الميليشيات المسلحة، الذين يتصرفون وكأنهم فوق القانون، يحتجزون بشكل تعسفي آلاف الليبيين ومئات الأجانب – جُلّهم من المهاجرين واللاجئين الأفارقة من دول جنوب الصحراء الكبرى.
فيما يُحتجز آخرون في مراكز اعتقال تخضع لسيطرة السلطات المركزية، ولكن دون أن يجري توجيه التهم إلى أي منهم أو محاكمتهم.
وخلال بعثة لتقصي الحقائق زارت ليبيا مؤخراً وأمضت فيها شهراً كاملاً، زار مندوبو منظمة العفو الدولية 11 منشأة تُستعمل لأغراض الاعتقال والاحتجاز في جميع أنحاء البلاد.
وقال العديد من المحتجزين الذين التقتهم البعثة أنهم قد تعرضوا للتعذيب، وشاهد مندوبو المنظمة آثار تعذيب بادية على أجسادهم، وجروح أصيبوا بها جراء تعرضهم لأشكال الإساءة. وتتضمن أساليب التعذيب التي تلجأ إليها الميليشيات تعليق السجين في وضع منحني متكور، والضرب المستمر على مدار عدة ساعات باستخدام السياط والأسلاك (الكوابل) وخراطيم المياه والسلاسل والقضبان الحديدية والعصي الخشبية، والصعق بالكهرباء.
وفي تقريرها الصادر مؤخراً بعنوان "الميليشيات تهدد بالإطاحة بآمال التوصل إلى ليبيا جديدة"، توثق منظمة العفو الدولية تلك النتائج التي توصلت إليها البعثة، وتدعو إلى إغلاق كافة مراكز الاعتقال أو الاحتجاز غير الرسمية في ليبيا.
وأضافت حسيبة حاج صحراوي القول بأنه "إذا ما أردنا لحكم القانون أن يتسيد الساحة في ليبيا،فيجب أن تتوقف الميليشيات عن التصرف وكأنها قوة خارجة على القانون، وأن تبادر إلى إغلاق مراكزها غير الشرعية التي تستخدمها لاحتجاز الأشخاص في مختلف أنحاء البلاد".
واختتمت حاج صحراوي تعليقها قائلةً: "ينبغي تسليم جميع المحتجزين حالياً إلى السلطات المركزية لضمان تطبيق رقابة قضائية سليمة."