مصر تعمل في "الأجازة" ردا على دعوات العصيان

• تاريخ الاضافة : 11 فبراير 2012
• القراء : 4,558
• أرسل لصديق
• طباعة

مر "سبت العصيان" كما أسماه البعض والذي وافق اليوم بسلام، وهو اليوم الذي دعا نشطاء إلى العصيان المدني فيه، ولم تسجل حالة غير عادية، حيث انتظمت حركة العمل في المطارات، والسكك الحديدية، ووسائل النقل العام في جميع أنحاء الجمهورية ، في مؤشر على "فشل" الدعوات التي أطلقها البعض للإضراب والعصيان المدني.

ولم تسجل سوى مسيرة محدودة في قنا تدعو للعصيان المدني، كما شهدت جامعة القاهرة وقفة احتجاجية لـ 300 طالب للمطالبة باستكمال متطلبات الثورة، ونظم العشرات من طلاب جامعة عين شمس وقفة صامتة بالملابس السوداء أمام البوابة الرئيسية للجامعة على أرواح شهداء بور سعيد، وأعلنت أكاديمية السادات الإضراب، ووصفت وسائل الإعلام المحايدة ومنها تلفزيون بي بي سي العربي الإضراب بـ "الضعيف".

على العكس شهدت بعض المواقع حضور عدد كبير من الموظفين لممارسة أعمالهم يوم السبت رغم أنه أجازة رسمية. وتبرع بعضهم بالعمل مجانا من أجل الوطن، وتبرع البعض الآخر بأجر نصف يوم لذات الغرض، ولكن البعض رأى أن المقياس الحقيقي لنجاح الإضراب من عدمه سيكون غدا، لكون اليوم عطلة رسمية.

 وكانت دعوات قد انطلقت عبر الموقع الاجتماعي "فيس بوك" للعصيان المدني في 11 فبراير وهو يوم تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك. وذلك للضغط على المجلس العسكري لكي يسلم السلطة فورا إلى سلطة مدنية. ووفقا لخارطة المجلس العسكري فسوف يتم فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية في 11 مارس المقبل ، وينقل المجلس العسكري السلطة الكاملة إلى رئيس منتخب في إبريل المقبل.

وعارض العديد من الأحزاب والقوى السياسية هذه الدعوة وحذروا من خطرها على الوضع الاقتصادي المصري الحرج، ورفض الأزهر الشريف دعوات العصيان وانضمت له جماعة الأخوان المسلمين والسلفيين، كما أفتت دار الإفتاء المصرية بحرمة العصيان، وأعلن الداعية محمد حسان أن دعوات العصيان مؤاكرة لإسقاط مصر.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي انقساما بين مؤيدي الإضرار ومعارضية، وانتشرت على "فيس بوك" حملات شعبية تعارض الإضراب استخدمت فيها الرسوم الكاريكتورية والتعبيرات الطريفة، ومنها صفحة أطلقها البعض بعنوان  "شغلني مكانه" تدعو أصحاب الأعمال إلى فصل الموظفين الذين يضربون عن العمل في هذا اليوم ، ويشغلون بدلا منهم شباب "شرفاء" ـ حسب وصفهم ـ يبحث عن العمل.

ودعا البعض ومنهم الداعية عمرو خالد إلى عدم "تخوين" من دعو للإضراب والعصيان، وأكد أنه يرفض هذه الدعوة ولكن لا "يخون" أصحابها، ودعوا لاعتبار هذه الدعوة وجهة نظر، وأن المؤيدين والمعارضين يريدون مصلحة الوطن.

وعلل معارضو الإضراب بصعوبة الوضع الاقتصادي ووجود مؤامرة داخلية وخارجية لإسقاط مصر، أما مؤيدو الإضرار فيرون أن المجلس العسكري لم يفعل شيئا رغم مرور عام على الثورة، وكان السبب في العديد من الكوارث آخرها حادثة بورسعيد التي قتل فيها 73 مشجعا. إضافة إلى المحاكمات "الهزلية" للرئيس المخلوع ورجاله، وقتلة الثوار، حيث زعموا أن مبارك سقط ولكن "نظامه" لم يسقط بعد.

وكان التخوف من أن يؤثر الإضراب في حالة نجاحه على الوضع الاقتصادي المصري الذي يعاني من العديد من المشكلات بعد عام من ثورة 25 يناير 2011 ، وحيث انخفض احتياطي مصر من العملات الصعبة من 36 مليار دولار قبل الثورة إلى 16 مليار دولار اليوم بعد مرور عام، وتسعى مصر حاليا للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 3 مليارات دولار.

وفي دلالة على هذا الوضع الحرج أعلنت وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني في بيان أمس الجمعة أنها خفضت درجة مصر من "بي+" إلى "بي" بسبب "التراجع الكبير في احتياطي العملات الاجنبية" و"الشكوك السياسية".

وذكر القرار "بتوقعات سلبية" يمكن أن تؤدي إلى خفض جديد "إذا أخفقت الحكومة في وقف تراجع احتياطي النقد الاجنبي، أو إذا ظهرت أجواء سياسية غير واضحة، أو انبثقت مؤسسات ضعيفة عن الانتقال السياسي الحالي".

 وقالت الوكالة إن الاحتياطي من العملات الأجنبية انخفض كثيرا من 36 مليار دولار مطلع السنة إلى 16 مليار دولار حاليا بسبب الأهمية التي يوليها المصرف المركزي لدعم الجنيه المصري في مواجهة "خروج رؤوس أموال كبيرة وتضخم من رقمين".

وصرح وزير المالية ممتاز السعيد أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يحتاج إلى 11 مليار دولار.

وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أصدر مساء أمس بيانا للأمة أكد فيه على إلتزامه بالخطة المقررة لنقل السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة وأنه نفذ وعده الأول بنقل سلطة التشريع إلى مجلس الشعب . وهذا نص البيان :

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى شعب مصر العظيم

منذ عام تسلمت قواتكم المسلحة سلطة إدارة البلاد، بتأييد من جماهير هذا الشعب العظيم، وبشرعية فرضتها ثورة يناير تلك الثورة المجيدة.. التى فجرها شباب هم قلب هذا الوطن النابض، وخاضتها جماهير حرة أبية، تنشد العزة لوطنها، والكرامة لشعبها، والعدالة لمواطنيها، والعيش الكريم لكل المصريين، وشارك فيها جيش مصر برجاله الشجعان البواسل، حاميا للثورة في أدق لحظاتها، ومسانداً للشعب فى مطالبه العادلة المشروعة، منحازاً لحاضر ومستقبل وطن نفتديه بدمائنا وأرواحنا، ونقدمها رخيصة فى سبيل حريته.

شارك جيش هذا الشعب في ثورته، دون أن تنتابه حيرة أو تراوده لحظة تردد ،فى اختياره الوطني بأن يكون درع الحماية لهذا الشعب العظيم وثورته العظيمة التى غيرت مجرى التاريخ.

أيها المصريين الأحرار.. لقد جابهنا معاً على مدار عام كامل تحديات جسام غير مسبوقة في تاريخنا الحديث ووقف جيشكم سندا قوياً للشعب وعمدا وحيدا للوطن عند مفترق طرق حاسم بين الصمود والانتكاس حين غاب الأمن وعز الأمان وانفتحت السجون وعربدت جماعات الإجرام حين تداعت مؤسسات الدولة الدستورية وتفككت أجهزة الأمن والنظام وفرض القانون.

اجتزنا معا كل هذا وخطونا على الدرب قدما نصطدم أحيانا بعقبات وتعترضنا العراقيل لكنها أبدا لم توهن عزائمنا ولم تضعف تصميمنا على عبور الفترة الانتقالية بسلام وعلى الوفاء بتعهدنا للشعب بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية منتخبة.

ومنذ أيام أوفينا بأول عهد وسلمنا سلطة التشريع إلى مجلس الشعب في أولى جلسات انعقاده بعد انتخابات جرت فى حرية ونزاهة.

وها نحن نستعد لإكمال تعهداتنا فقد تم الإعلان عن فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية يوم العاشر من مارس المقبل، وسوف نسلم سلطة الرئاسة إلى رئيس الجمهورية بعد إجراء الانتخابات لتنتهي المرحلة الانتقالية، ويعود جيشكم الوافي الشجاع إلى مهمته الأصلية مدافعا عن الحدود وحاميا للثغور والأجواء.

يا شعب مصر العظيم.. إننا نواجه هذه الأيام مرحلة هى الأصعب فيما واجهناه منذ قيام ثورتنا المجيدة ونمر بمنعطف هو الأخطر على طريق مسيرتنا نحو الحرية والحكم الديمقراطي الرشيد والعدالة الاجتماعية.

ونصارحكم القول بأن مصرنا الغالية تتعرض لمخططات تستهدف ضرب ثورتنا فى الصميم عن طريق بث الفتنة بين أبناء الشعب والفرقة والوقيعة بينهم وبين قواتهم المسلحة.

إننا في مواجهة مؤامرات تحاك ضد الوطن هدفها تقويض مؤسسات الدولة المصرية وغايتها إسقاط الدولة نفسها لتسود الفوضى ويعم الخراب ويهنأ أعداء الوطن وهو ما لن يتحقق بإذن الله بفضل إرادة الشعب وصلابة قواته المسلحة.

إننا أيها الإخوة المواطنون عازمين بكل ما نملك من إصرار، على المضي قدما وإلى الأمام مهما كانت الصعاب من اجل الوفاء بعهدنا إلى هذا الشعب العظيم.

سنبقى أيها الأحرار أوفياء للعهد والقسم، نحفظ لهذا الشعب كرامته، نرعى مسيرته، ندافع عن مقدراته، نحمى تراب الوطن المقدس، الذى ارتوى بدماء زهرة الشباب وأغلى الرجال فى معاركنا من اجل تحرير الوطن وثورتنا فى سبيل حرية الشعب.

أننا نؤكد لكم أيها الأحرار إننا إخوتكم وأبنائكم في جيش مصر العظيم سنظل أمناء على المسؤولية التي حملنا بها الشعب، حتى نسلم الأمانة فى نهاية المرحلة الانتقالية.. أبداً لن نخضع لتهديدات، ولن نرضخ لضغوط، ولن نقبل إملاءات.. أبدا لن ننحني أمام عواصف أو أنواء.. وأبدا لن نركع إلا لله الواحد القهار.

العزة لمصر وأبنائها والمجد لشهداء الوطن وعاشت وحدة الجيش والشعب والله نسأل أن يسدد خطانا وأن يهدينا من أمرنا رشداً.