أخر خبر |
منذ السبت الماضي، بات شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير أشهر شوارع القاهرة، إذ أصبح خط الدفاع الأول عن المتظاهرين المتحشدين في الميدان لمطالبة الجيش بتسليم الحكم إلى سلطة مدنية.
يتفرع شارع محمد محمود من ميدان التحرير وكانت كل شهرته حتى الى الان تعود الى وجود ثلاثة مبان عريقة للجامعة الأميركية فيه من بينها مبناها الرئيسي بطرازه المعماري المتميز والعديد من المقاهي والمطاعم التي تخدم طلابها ومرتاديها.
ولكن كل الأنظار وكل كاميرات محطات التلفزة مسلطة عليه منذ خمسة ايام، ففيه يسقط الضحايا، وعند مداخله فقد الشباب الناشطين أعينهم بطلقات قناصة من الشرطة، وهناك تخرج وتدخل سيارات الإسعاف في حركة مستمرة لنقل الجرحى، بل اضطر الشباب المعتصم في التحرير الى استخدام أسطول من الدراجات النارية التي تخترق الشارع بسرعة كبيرة حاملة الجرحى إلى اقرب مستشفى ميداني.
كر وفر مستمر بين الشرطة والمتظاهرين يجري منذ السبت في شارع محمد محمود وآثار المعارك لا تخطئها العين .. كثير من الحجارة، وطلقات رصاص مطاطي، وخرطوش فارغة، وسحابات كثيفة من الغازات المسيلة للدموع تغطيه معظم الوقت، واجهات المحلات محطمة بل أن مبنى الجامعة الأميركية الرئيسي تضرر كذلك.
بدأت المعركة في شارع محمد محمود السبت بعد ساعات من قيام الشرطة بفض اعتصام لمصابي ثورة 25 يناير الذين كانوا يطالبون بالعلاج او بفرصة عمل.
كان المتظاهرون غاضبون من استخدام الشرطة العنف مع المعتصمين، فبدأوا بإلقاء الحجارة على رجال الشرطة التي ردت بإطلاق رصاص مطاطي وقنابل مسيلة للدموع.
وتبين بعد ذلك أن قناصة من الشرطة كانوا يتمركزون في هذا الشارع وهم الذين أطلقت عليهم الصحف المصرية "قناصة العيون" وكانوا يصوبون الرصاص المطاطي والخرطوش عن عمد على عيون المتظاهرين.
منذ ذلك الحين، لم تتوقف الاشتباكات التي استخدم فيها المتظاهرون الحجارة وزجاجات المولوتوف لمواجهة أسلحة الشرطة.
وأوقعت الاشتباكات منذ السبت الماضي 31 قتيلا على الأقل، وفق آخر حصيلة رسمية إضافة إلى مئات من الجرحى.
وقالت وزارة الداخلية المصرية أن رجالها كانوا يريدون منع المتظاهرين من مهاجمة مقر الوزارة الواقع بالقرب من شارع محمد محمود، ولكن المتظاهرين يؤكدون انهم لم تكن لديهم أي نية للتعدي على مقر الوزارة وإنما اضطروا إلى هذه المواجهة "دفاعا عن الميدان".
وقال احمد نور وهو مدير مطعم في السابعة والثلاثين من عمره "عندما تركنا شارع محمد محمود وعدنا إلى التحرير، اقتحموا الميدان. لم نكن نريد مهاجمة وزارة الداخلية ولكننا كنا نريد حماية الميدان".
وأضاف "قبل أن يحدث كل هذا، كان مطلبنا أن يترك المجلس العسكري السلطة في منتصف 2012 ولكن الآن نريده ان يرحل فورا، كفانا ذلك .. كل يوم يقتل واحد منا او يصاب .. لماذا؟".
ويصرخ محمد ماجد، الذي لم يبلغ بعد 17 عاما، "اننا نموت هنا .. انهم يقتلوننا بلا رحمة، إننا نريد أحياء الثورة". ويؤكد الشاب انه ليس في نيته اقتحام الوزارة ولكنه يريد مع ذلك "الثأر للشهداء".
أما مصطفى وهو شاب صغير كذلك في مدرسة ثانوية فيؤكد ان الشرطة "ستقتحم الميدان لو انسحبنا من شارع محمد محمود".
الكثير من المتظاهرين في ميدان التحرير يشعرون بالامتنان للشباب الذين يعرضون انفسهم للخطر على خط المواجهة لحمايتهم.
وعبرت عن هذا الشعور المخرجة نادية كامل، صاحبة الفيلم المثير للجدل "سلاطه بلدي" اذ كتبت على صفحتها على فيس بوك "أحب أقول ملحوظة على موضوع خط النار بتاع شارع محمد محمود علشان فوجئت ان فيه ناس من اجدع الناس اللي واقفة في الميدان بكل إيمان وصدق فاهمة ان الشباب اللي بيكر ويفر ويتعور ويتخنق، ويستشهد في شارع محمد محمود هدفه اقتحام وزارة الداخلية، بينما اللي واقف في الميدان واقف في مظاهرة سلمية، وان ده اختيار بين أسلوبين مختلفين".
وأضافت "في رأيي انه لولا شباب محمد محمود بيتعوروا، ويموتوا هناك بعيد في عمق الشارع ماكنش حيكون فيه فرصة لمئات الألوف انهم يقفوا يتظاهروا في التحرير. لولا الأولاد دول قرروا ييجوا يقفوا معانا، كان زمان الداخلية غرقت الميدان غازات ثم ضرب واعتقال وحرق وكنا كلنا اضطرينا نهرب، زي ما حصل يوم الاحد لولا ان الشباب رجعوا بأعداد كبيرة يقاوموا بأجسامهم".
وتابعت "شباب محمد محمود بيدافعوا عن الميدان طول الليل حتى وهو فاضي تقريبا علشان لما النهار ييجي ومصر تصحى تلاقي الميدان لسه محجوز لها ومستنيها تيجي تكمل الثورة من اجل حياة كريمة لكل المصريين. انهم في محمد محمود لان الداخلية تحاول الوصول الى التحرير من هناك، وعندما حاولت الداخلية ان تهجم من القصر العيني والشيخ ريحان انتشروا هناك أيضا".
وختمت "الف سلام وتحية من القلب لبواسل محمد محمود من استشهد منهم ومن يتابع بلا هوادة من فدائيين على خط النار وأطباء وطبيبات خلفهم حتى يعيش الأمل.أنهم أبطال ثورة مصر الثانية ونجومها بلا منازع، اذهب الى التحرير وقلبي يرجف من الامتنان إلى آخر عمري".
لا توجد تعليقات مضافة