مازالت تداعيات جريمة تولوز تتوالى في فرنسا، في إطار ذعر سياسي واضح من الانتقام الإسلامي، وفي هذا الاطار اعتقلت الشرطة الفرنسية عشرين شخصاً في حملات دهم مختلفة استهدفت "شبكات إسلامية مشتبهة"، في عدة مدن بفرنسا، وفق تصريح إذاعي أدلى به الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي.
وقال مسؤولون فرنسيون إن العمليات الأمنية جرت في تولوز، ومارسيليا، وليون، ونانت، ومناطق أخرى بضواحي العاصمة باريس.
ونفذت الحملات الأمنية بعد أسبوع من مقتل محمد مراح، المشتبه به في قتل سبعة أشخاص باعتداءات مختلفة في مدينة "تولوز"، جنوب فرنسا، قبل أسبوع، وبرر مراح أفعاله بالانتقام من فرنسا التي منعت النقاب، وردا على الاعتداء الإسرائيلي الأخير على غزة، والذي أوقع قتلى وإصابات.
ويرى مراقبون أن واقعة تولوز ورقة إنقاذ لساركوزي قبل شهر من الانتخابات الرئاسية، ودللوا على ذلك بمقارنة ساركوزي لواقعة تولوز باعتداءات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية والتي أوقعت أكثر من 3 آلاف قتيل، وقد استغل الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن هذه الأحداث للقفز إلى فترة رئاسة ثانية. كما استغلها لتبرير غزو العراق وأفغانستان.
وقال ساركوزي لراديو "أوروبا 1"، إن حملة الاعتقالات "ليست على علاقة بتولوز فقط، بل جرت على كامل أراضي البلاد.. إنها مرتبطة بشكل من الإسلام المتطرف، وتتفق مع العدالة."
وأوضح أن الحملات، والتي أسفرت عن اعتقال 19 شخصاً، نفذت بقرار من وزيري الخارجية والداخلية "لمنع دخول أشخاص محددين إلى فرنسا"، لا يعتقدون بقيم البلاد.
وضبطت قوات الأمن الفرنسية، خلال تلك الحملات، عدة قطع أسلحة، منها بنادق كلاشنيكوف، بحسب الرئيس الفرنسي.
وتابع ساركوزي بقوله: "ستجري في مطلق الأحوال عمليات أخرى ستتواصل، وستسمح لنا بطرد عدد من الأشخاص عن أراضينا، أشخاص لا داعي لوجودهم عليها في الأصل."
وحول مقتل سبعة أشخاص باعتداءات مسلحة نفذها الفرنسي، الجزائري الأصل، محمد مراح، عقب الرئيس الفرنسي قائلاً: "صدمة مونتوبان وتولوز كان لها وقع كبير في بلادنا، ولا أود المقارنة بين الفظاعات، لكنها تشابه قليلاً الصدمة بالولايات المتحدة ونيويورك عقب 11/9"، في إشارة للهجمات الإرهابية بأميركا عام 2001.
وتأتي الحملات الأمنية غداة منع السلطات الفرنسية دخول أربعة رجال دين مسلمين من دخول أراضيها للمشاركة في الملتقى السنوي لمسلمي، نظراً لدعواتهم التي تحض على العنف والكراهية، ما يتعارض، وعلى حد قولها، على نحو خطير، ومبادئ الجمهورية.
والدعاة الأربعة الممنوعون من دخول فرنسا هم: الشيخ عائض القرني، والشيخ عبدالله بصفر، والدكتور صفوت حجازي، والشيخ عكرمة صبري.
وجاء القرار الفرنسي بعد أيام من منع رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يوسف القرضاوي، من دخول أراضيها.
وأوضحت وزارتا الداخلية والخارجية الفرنسيتان، في بيان مشترك، أن الدعاة الأربعة تلقوا دعوة من جمعية إسلامية فرنسية للمشاركة في التجمع السنوي لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا.
وأعلن "اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا" استنكاره للقرار الذي اعتبره بأنه يشكل "إهانة لكل المسلمين" وأنه يسيء لجهود الحوار ومساعي التفاهم.
ومن المقرر أن يعقد التجمع السنوي في مدينة "ليبورجيه" خارج باريس، خلال الفترة من السادس إلى التاسع من إبريل المقبل.
كما قال وزير الداخلية، كلود غيان، ووزير الخارجية، آلان جوبيه، في بيانهما، إن فرنسا "تأسف" لدعوة المفكر الإسلامي السويسري، طارق رمضان، إلى أراضيها من قبل اتحاد منظمات المسلمين في فرنسا.
وأضاف البيان: "نأسف لأن اتحاد منظمات المسلمين في فرنسا اختار دعوة رمضان الذي تتعارض مواقفه وتصريحاته مع المبادئ الجمهورية، وهذا لا يخدم مسلمي فرنسا".