على غرار "ودنك منين ياجحا" أصدرت المحكمة المختصة بمحاكمة المتهمين في قضية "التمويل الأجنبي" أمرا بضبط وإحضار المتهمين الهاربين، وذلك بعد أيام من رفع محكمة الإستئناف حظر السفر عن المواطنين الأجانب ومعظمهم أميركيون، وهي الخطوة التي أشعلت غضبا شعبيا وسياسيا في مصر مازال مستمرا حتى الآن، حيث اعتبر الأمر تدخلا في سلطة القضاء، وخضوعا للضغوط الأميركية.
وفسر البعض قرار المحكمة بضبط وإحضار المتهمين بمحاولة لاحتواء الغضب الشعبي لعارم بسبب رفع منع السفر عن المتهمين،وتزيد هذه القضية من حدة الخلاف بين مصر وأميركا بعد الثورة، وتزايد الرفض الشعبي للضغوط الأميركية على مصر، خاصة بعدما لوح بعض المسؤولين الأميركيين بإيقاف المعنونةى الأميركية العسكرية السنوية لمصر والتي تقدر بـ 1,2 مليار دولار ، وظهرت في المقابل دعوات للاستغناء عن هذه المعونة لتحرير القرار المصري من تبعية أميركا، وظهرت مبادرات شعبية لجمع قيمة هذه المعونة، ومنها مبادرة الشيخ السلفي محمد حسان والتي سميت بمبادرة "العزة والكرامة".
وكانت قضية "التمويل الأجنبي" قد شهدت أمس مفاجآت جديدة، حيث أمرت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار مكرم عواد، بتكليف النيابة العامة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط وإحضار المتهمين الهاربين في قضية التمويل الأجنبي غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني، والذين لم يمثلوا أمام هيئة المحكمة في الجلسة.
وقررت المحكمة، في نهاية الجلسة التي حضرها 15 فقط، من بين 43 متهماً، تأجيل القضية إلى جلسة العاشر من أبريل المقبل، لتمكين الدفاع عن المتهمين من الإطلاع على أوراق القضية، وإتاحة الوقت أمام النيابة لاتخاذ إجراءاتها بشأن ضبط وإحضار باقي المتهمين.
من جانبه، كشف وزير الطيران المدني، حسين مسعود، في تصريحات لإحدى القنوات الخاصة، أوردها موقع "أخبار مصر"، التابع للتلفزيون الرسمي، أن الطائرة، التي نقلت المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي، لم تكن طائرة عسكرية، وإنما كانت طائرة حكومية، وتحمل شعار وزارة الخارجية الأميركية.
كما أكد الوزير في تصريحاته لبرنامج "الحياة اليوم"، مساء أمس، أن الطائرة كان لديها تصريح للهبوط بمطار القاهرة، مشيراً إلى أن الوزارة لا تملك حق منح إذن الهبوط أو الإقلاع للطائرات العسكرية.
وأشار مسعود إلى انه تم توقيع غرامة على الطائرة "لأنها غير مختصة بنقل ركاب مدنيين"، وأضاف أن مسؤولي المطار كانوا يظنون في البداية أن تلك الطائرة قادمة لنقل دبلوماسيين، أو شخصيات حكومية، ولم يكن لديهم أي معلومات عن أسباب قدومها.
وذكر أنه "بمجرد أن نما إلى علمهم"، أي مسؤولي مطار القاهرة، أن الطائرة ستنقل أشخاصاً مدنيين، تم على الفور الشروع بإجراءات تفتيشها، كما تم استجواب طياريها، دون أن يكشف عن نتائج ذلك الاستجواب.
ورداً على سؤال بشأن مسئولية وزارة الطيران المدني عن سفر المتهمين، أجاب مسعود بقوله إنه "ليس من حق الوزارة أن تمنع مسافر من مغادرة البلاد، طالما استكمل كافة الشروط، وليس موضوعاً على قوائم الممنوعين من السفر"، على حد قوله.
وأثارت "التسوية" المفاجئة لقضية "التمويل الأجنبي" انقسامات حادة بين السلطات المختلفة في مصر، بعد أنباء عن دور مزعوم لجماعة "الإخوان المسلمون"، في الصفقة، في وقت حمل فيه قياديون بالجماعة الإسلامية الحكومة والقضاء مسؤولية تسوية تلك القضية، وأعلنوا أن شكر السيناتور الأميركي الأخوان على دورهم في رفع الحظر عن المتهمين محاولة لإثارة الفتنة.
وندد البرلمان المصري بقرار رفع الحظر عن سفر المتهمين، واعتبروه تدخلا سافرا في عمل القضاء، وشكل لجنة للتحقيق في الواقعة، وأكدت وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا التي كانت تدير ملف منظمات المجتمع المدني والتمويل الأجنبي أنها لم تعلم برفع الحظر إلا من الصحف.
وجمع عدد من القضاة توقيعات مطالبين بعزل ومحاكمة المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة الإستئناف لقيامه بالأتصال بالقاضي محمد محمودشكري الذي ينظر القضية، وطلب رفع حظر السفر عن المتهمين، الأمر الذي دفع هيئة المحكمة للتنحي لاستشعارها الحرج حسبما قالت، فقام عبدالمعز بتحويل القضية لدائرة أخرى رفعت الحظر مقابل كفالة دفعها المتهمون.
ورد مسؤولون بجماعة الأخوان المسلمين الذي يستأثر حزبها "الحرية والعدالة" بأغلب مقاعد البرلمان على تهديد بعض المسؤولين الأميركيين بإيقاف المعونة بأن المعونة جزء من إتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1079 ، وأن إيقافها يعطي لمصر الحق في إعادة النظر في الاتفاقية.
ونددت أحزاب وتيارات سياسية بالتدخل في شؤون القضاء، محملين المجلس العسكري المسؤولية عن ما أسموه توريط القضاء، وتشويه سمعته، وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي ومنها "فيس بوك" بالعديد من التعليقات والرسومات الكاريكاتيرية الساخرة التي تسخر من تصريح الدكتور كمال الجنزوري منذ أيام بأن "مصر لن تركع"، وأكد البعض بلغة ساخرة أن مصر برفع الحظر عن سفر الأميركيين ركعت بل وسجدت لأميركا، مؤكدين أن أسلوب الحكم الحالي هو نفس أسلوب النظام السابق.