الأسطورة كلاي يتحدى المرض ويحتفل بعيد ميلاده السبعين


من المؤكد أن الملاكم الأمريكي الأسطورة محمد علي كلاي لا يستطيع توجيه ضربة قاضية إلى مرض باركنسون الذي يعاني منه منذ سنوات ، ولكن صراعه مع


المرض على مدار هذه السنوات الطويلة الماضية يؤكد أنه ما زال يتمتع بالإصرار والتصميم الذي كان أهم مميزاته على حلبة الملاكمة خلال مسيرته الرياضية البراقة.


ويحتفل كلاي "الأعظم"، الذي فرض نفسه كأحد أبرز الرياضيين على مدار التاريخ، اليوم بعيد ميلاده السبعين في مدينة لويفيل بولاية كنتاكي الأمريكية.


ورغم معاناته من المرض لفترة طويلة ، نجح كلاي في أسر اهتمام الجميع مثلما كان دائما خلال مسيرته الرياضية وبالتحديد منذ فوزه بالميدالية الذهبية في أولمبياد روما 1960 والتي كانت البداية الحقيقية لمسيرة ساطعة امتدت على مدار نحو عقدين من الزمان وتوجها بأكثر من لقب عالمي في الوزن الثقيل.


وكان شعار كلاي خلال مسيرته الرياضية الرائعة على حلبة الملاكمة "يحوم كالفراشة ويلسع كالنحلة".


وعانى المنافسون كثيرا من هذا الملاكم العنيد الذي جرد من لقبه العالمي عام 1967 لرفضه المشاركة مع الجيش الأمريكي في حرب فيتنام بعد اعتناقه الإسلام.


واعتزل كلاي اللعب قبل 30 عاما ولكنه ظل في أذهان الجميع بمن فيهم هؤلاء الذين كرهوه في الماضي قبل أن يعم الوئام والحب بينهم وبين كلاي منذ أن أوقد الشعلة الأولمبية لأولمبياد أتلانتا 1996 .


وكانت الميدالية الذهبية في أولمبياد 1960 أول إنجاز في مسيرة كلاي الرياضية حيث أحرزها وهو في الثامنة عشر من عمره علما بأنه بدأ ممارسة اللعب قبلها بست سنوات لرغبته في معاقبة هؤلاء الذين يسرقون دراجته.


وذهبت هذه الميدالية أدراج الرياح سريعا بعدما ألقى بها الأسطورة كلاي في نهر أوهايو احتجاجا على ما أسماه بالعنصرية الفجة بعد منعه من الدخول إلى أحد المطاعم بسبب لون بشرته السمراء.


وبعدها ، دخل كلاي حياة الاحتراف وفجر مفاجأة من العيار الثقيل عندما أسقط منافسه سوني ليستون من فوق عرش العالم لملاكمة الوزن الثقيل بالتغلب عليه والفوز باللقب العالمي الأول له.


وفجر كلاي مفاجأة أخرى من العيار الثقيل بإعلان اعتناقه الإسلام في عام 1965 وتغيير اسمه من كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور إلى محمد علي كلاي.


وكان لكلاي أسلوب خاص في الملاكمة يختلف عن الأسلوب المعتاد حيث كان يحوم في أرجاء الحلبة حول منافسه ويحاول أن تذهب معظم لكماته إلى رأس منافسه.


وتوقفت مسيرة كلاي مؤقتا وبشكل مفاجئ في عام 1967 بعد تجريده من لقبه العالمي ومن رخصة مزاولة الملاكمة لرفضه المشاركة مع الجيش الأمريكي في حرب فيتنام.


وأدلى كلاي بمقولته الشهيرة "لن أحارب فيت كونج (الجيش الشيوعي لفيتنام)" ولكنه أفلت من السجن.


وأوضح كلاي رفضه المشاركة في هذه الحرب بأنه يعارض هذه الحرب لأنها ضد تعاليم الإسلام قائلا "ليس من المفترض أن نخوض حروبا إلا إذا كانت في سبيل الله ورسوله. إننا لا نشارك في حروب المسيحيين أو الكافرين".


واستمر هذا الحظر على كلاي لمدة ثلاث سنوات قبل أن تبدأ المرحلة الثانية من مسيرته الاحترافية والتي كانت السبب الرئيسي في أن يصبح أسطورة رياضية يصعب نسيانها.


وعاد كلاي للملاكمة من خلال مباراة عرفت بلقب "مباراة القرن" أمام الملاكم الشهير جو فريزر ، الذي توفي في نوفمبر الماضي ، والتي شهدت الهزيمة الأولى لكلاي قبل أن يثأر لنفسه بالفوز على فريزر لاحقا.



واستعاد كلاي لقبه العالمي بالفوز على جورج فورمان عام 1974 في كينشاسا بزائير، وكانت هذه المباراة بمثابة التمهيد لمباراة الإثارة والمتعة التاريخية أمام فريزر في العاصمة الفلبينية مانيلا والتي أقيمت في أول أكتوبر 1975 . وعلى مدار 14 جولة ظل التعادل قائما بين الملاكمين الرائعين قبل أن يخسر فريزر في النهاية بالانسحاب من اللقاء.


ووصف كلاي هذه المباراة بأنها "أقرب شيء إلى الموت شاهده في حياته" وأوضح في تصريحات صحفية "ذهبنا ، أنا وجو ، إلى مانيلا كأبطال وعدنا ككهلين".


وفقد كلاي اللقب واستعاده في عام 1978 أمام ليون سبينكس قبل أن يعتزل في عام 1981 بعد هزيمته أمام الملاكم الصاعد تريفور بوربانك في مباراة كان فيها كلاي شبحا لما كان عليه في السنوات التي سبقت هذه المواجهة وإن لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت اللكمات العديدة التي تلقاها في رأسه هي السبب وراء ترنحه في هذه المباراة.



وبعد ثلاث سنوات من اعتزاله ، أكد الأطباء إصابة كلاي بمرض باركنسون ومن أعراضه الشلل الرعاش، وقال كلاي ، الذي تزوج أربع مرات وأنجب تسع مرات ، أن هذا المرض اختبار وابتلاء من الله ولكن هذا المرض لم يمنعه من المشاركة مرارا في الجهود والأعمال الخيرية.