تمد الولايات المتحدة بعد تحفظ طويل في الماضي، يدها إلى الأخوان المسلمين في محاولة للتكيف مع الواقع السياسي الجديد في مصر، لكنها تشعر بالقلق من موقف الجماعة من الأقليات والمرأة واتفاقية السلام مع إسرائيل.
وفي أول انتخابات تشريعية بعد تنحي الرئيس حسني مبارك، أعلن حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الأخوان المسلمين فوزه بـ 35,2 بالمئة من أصوات الناخبين في المرحلة الأولى من الجولة الثالثة والأخيرة، ولم تحصل أحزاب المعارضة الليبرالية والعلمانية على عدد كبير من الأصوات.
وقالت مارينا اوتاواي التي ترأس برنامج الشرق الأوسط في واشنطن لمعهد مارنيغي للسلام الدولي "من الواضح انهم (الأخوان المسلمون) الآن القوة الوحيدة على الأرض" وعلى المسؤولين الأميركيين التحدث إليهم.
وحتى قبل بدء الانتخابات، كانت الولايات المتحدة تدرك ان عليها التعامل مع الأخوان المسلمين الحركة السياسية الأفضل تنظيما في مصر التي لم يعد يهيمن عليها الحزب الوطني الديموقراطي الذي كان يقوده مبارك.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قبل الانتخابات أن الولايات المتحدة أجرت "اتصالات محدودة" مع الأخوان المسلمين في إطار "استئناف سياسة" طبقت قبل ست سنوات، في ضوء التغيرات السياسية في مصر.
وأوضحت اوتاواي إن إدارة الرئيس السابق جورج بوش كفت عن الحديث عن برنامجها لتشجيع الحرية والديموقراطية بعدما فاز مرشحون مدعومون من الأخوان المسلمين بعشرين بالمئة من مقاعد البرلمان في انتخابات 2005.
وأضافت لوكالة فرانس برس إن إدارة بوش "أقرت بشكل أساسي صحة خط مبارك" بان الأخوان المسلمين والناشطين الإسلاميين المرتبطين بهم يشكلون تهديدا لمصر ولاستقرار المنطقة مع إنهم تخلوا عن العنف منذ عقود.
وتحولت مصر إلى محور أساسي في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط منذ 1979 بعدما أصبحت أول بلد عربي يوقع اتفاقية سلام مع إسرائيل.
وقالت اوتاواي إن "الولايات المتحدة دعمت أساسا مبارك في قمعه الأخوان المسلمين"، وأضافت أن مسؤولين أميركيين رفضوا دعوات من المجموعة الفكرية التي تنتمي إليها، لحضور اجتماعات مع مجموعات عربية إسلامية بينها الأخوان المسلمين المصريين بعد انتخابات 2005.
وتابعت اوتاواي "بالنسبة للولايات المتحدة، أن تمد يدها الآن للإخوان المسلمين هو خطوة كبيرة، خطوة كان يجب ان تتم من قبل لكن الولايات المتحدة قاومتها".
وأضافت "انه تغيير هائل وهم يفعلون ذلك لضرورته".
من جهته، قال المحلل ناثان براون إن الأخوان المسلمين "أصدروا إشارات مطمئنة كافية لتعزيز الارتياح لهم في الولايات المتحدة" وتبرير الاتصالات.
وأضاف براون الأستاذ في جامعة جورج واشنطن أن الأخوان المسلمين يعترفون أيضا بواقع أن الولايات المتحدة تبقى لاعبا دبلوماسيا مهما عليهم العمل معها.
وتابع "لا شك أن الأخوان المسلمين منظمة محافظة جدا اجتماعيا وسياسيا" تثير القلق بشأن مكانة المرأة والأقلية المسيحية في مصر.
وأشار إلى أن موقف الأخوان المسلمين من اتفاقية السلام مع إسرائيل يبقى "مصدر قلق كبير في السياسة الخارجية".
وأوضح براون انه "على هذا الصعيد، اصدر الأخوان مؤشرات مطمئنة لكنهم اكتفوا بالحديث بشكل عام عن هذه النقطة"، مشيرا إلى أن الأخوان المسلمين "كمنظمة قريبون من حماس ومعادون لإسرائيل".
أما شبلي التلحمي الأستاذ في جامعة مريلاند فقد قال إن الأخوان المسلمين لا يريدون "زعزعة الوضع في السياسة الخارجية" أو إجراء تغييرات جذرية بينما يسعون إلى إصلاح الاقتصاد المتضرر جدا في مصر.، وأضاف انهم يريدون أن تواصل مصر الحصول على المساعدة الأميركية والأجنبية.
ويبدو أنهم لا ينوون، على الأقل في الأمد القصير، حظر المشروبات الكحولية أو البيكيني في إطار عملهم لإنعاش القطاع السياحي، وتابع أنهم سيكونون أكثر تجاوبا مع الرأي العام مما كان مبارك.
وقال التلحمي انه إذا شنت إسرائيل هجوما على قطاع غزة كما فعلت في ديسمبر 2008، فقد تتخذ مصر بقيادة الأخوان المسلمين موقفا "أكثر عدائية" حيال الدولة العبرية، وان كانوا لا يريدون إلغاء معاهدة السلام.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند الخميس في واشنطن أن جماعة الأخوان المسلمين في مصر قدمت للولايات المتحدة ضمانات بالنسبة إلى احترام معاهدة السلام مع إسرائيل، وقالت المتحدثة للصحافيين "قطعوا تعهدات لنا بهذا الشأن".
وأضافت "حصلنا بالنسبة لهذا الموضوع على ضمانات من جانب مختلف المحادثين وسنواصل السعي وراء الحصول على ضمانات أخرى في المستقبل".
وقالت نولاند أن الولايات المتحدة تحرص على التذكير بأنها تتوقع من "كل الفاعلين السياسيين في مصر يحترموا (...) الالتزامات الدولية للحكومة المصرية".