برلمان.. دستور.. رئيس مدني... أمنيات أجمع عليها المصريون لعام 2012 وان اختلفت رؤيتهم للطريق الامثل لبلوغها.
انها أمنيات جديدة على المصريين الذين كانت غاية أحلامهم فيما مضى خفض الأسعار وتحسين الخدمات. فالمطامح والأمال اختلفت بعد اسقاط حكم الرئيس حسني مبارك في فبراير شباط الماضي.
البعض تراوده الآمال والبعض ينظر للمستقبل بترقب وحذر.
يقول حسني عبد الرحمن (48 عاما) وهو محاسب يعيش في وسط القاهرة "عشنا في 2011 أجمل لحظات عمرنا. حققنا ما لم يكن متوقعا. لكن القادم أفضل في 2012."
وتابع قائلا "السنة الجديدة سيكون بها برلمان يعكس ارادة الشعب وليس مزورا مثل السابق. الانتخابات كانت جيدة جدا هذه المرة وأتطلع لرؤية الكثير من الشخصيات المحترمة التي فازت حتى الان تحت قبة البرلمان."
ويجرى المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر انتخابات مجلس الشعب على ثلاث مراحل بدأت في 28 نوفمبر تشرين الثاني 2011 وتنتهي في 18 يناير كانون الاول 2012. وأصدر المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس قرارا بدعوة مجلس الشعب الجديد للانعقاد في 23 يناير.
ومن المقرر وفق الاعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري في مارس اذار ان يختار مجلسا الشعب والشورى لجنة تأسيسية من 100 عضو لصياغة دستور جديد للبلاد.
ويعول كثير من النشطاء السياسيين على أن يتضمن الدستور الجديد مواد تضمن مستقبل الديمقراطية في مصر من بينها وضع حد اقصى لعدد مرات الترشح للرئاسة والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية واطلاق حرية التعبير.
يقول زكي محمد (40 عاما) الموظف باحدى المؤسسات التعليمية "العام الجديد يشهد مرحلة خطيرة في تاريخ مصر. مجلس الشعب القادم هو الذي سيختار لجنة وضع الدستور وهذا الدستور هو ما سنحتكم اليه للخروج من كل الخلافات السياسية التي نعيشها الآن."
وحقق حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين تقدما ملحوظا في المرحلتين الاولى والثانية من انتخابات مجلس الشعب تلاه حزب النور السلفي الذي كان أداؤه بمثابة مفاجأة بينما لم تستطع التيارات الليبرالية حصد عدد كبير من الاصوات حتى الان.
ويخشى البعض من أن تؤدي هيمنة التيار الاسلامي على مجلس الشعب القادم الى صياغة دستور يغفل حقوق الاقليات ويفرض قيودا صارمة على المواطنين.
لكن عماد عبد التواب صاحب متجر العطارة في حي الحسين يرى أن طريق الديمقراطية لا خوف منه وأن من اختار اللجوء لصناديق الاقتراع عليه احترام النتائج مهما كانت.
وقال "هانت. انتهت المرحلة الاولى والثانية من انتخابات مجلس الشعب والمرحلة الثالثة على الابواب. مش هنفضل في مظاهرات واعتصامات طول حياتنا. لازم بقى نحكم صوت العقل."
واضاف "السنة الجديدة ستكون افضل من الماضية. صحيح الثورة قامت في يناير 2011 لكن دي كانت البداية لازم نكمل المشوار عشان نشوف مصر الحقيقية .. مصر القوية."
ويتطلع المصريون لرؤية رئيس جديد في 2012 يكون مواطنا عاديا من المدنيين.
يقول حمادة محمد الجرادي (34 عاما) الذي يعمل بمجال الترجمة "أتمنى ان يأتي العام الجديد لمصر بحكومة منتخبة ورئيس مدني منتخب يقودها للافضل ويضعها في مصاف الدول المتقدمة."
ويتابع "لكن قبل ذلك كله أتمنى أن يحفظ للمواطن المصري كرامته وادميته ليكون النواة التي تقوم عليها نهضة علمية وصناعية .. عايزين مصر أفضل لأولادنا."
وتعاقب على حكم مصر اربعة رجال من الجيش منذ ثورة 23 يوليو تموز 1952 وقيام النظام الجمهوري كان اخرهم مبارك الذي أطاحت به ثورة 25 يناير كانون الثاني 2011 .
وأعربت عدة شخصيات عن استعدادها لخوض أول انتخابات رئاسية تجرى بعد ثورة يناير من أبرزها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي والامين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى والمفكر الاسلامي الدكتور محمد سليم العوا والداعية الاسلامي الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل والمستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض سابقا والفريق أحمد شفيق الذي تولى رئاسة الوزراء لفترة قصيرة في أوائل 2011 .
وبعد ضغط شعبي متواصل حدد المجلس الاعلى للقوات المسلحة مهلة غايتها نهاية يونيو حزيران لاختيار الرئيس الجديد.
لكن مايكل بشاي الذي سافر للعمل في استراليا منذ عامين يقول "مش مهم اسم الرئيس القادم. المهم يكون عندنا رئيس نقدر نحاسبه وفق الدستور والقانون وأن يطبق القانون على الكبير قبل الصغير وأولهم رئيس الجمهورية."
وأعرب اخرون عن أمنيات متعددة في 2012 مثل القصاص من قتلة "الشهداء" وتحسن الوضع الاقتصادي وعودة الاستقرار والامن للشارع المصري لكنهم ربطوا تحقق هذه الامنيات بقيام مؤسسات قوية في الدولة مثل البرلمان وحكومة تتمتع بتأييد شعبي حقيقي.
وجاءت أمنيات المصريين لعام 2012 على خلاف ما خلصت اليه دراسة أجراها المعهد القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عن أمنياتهم لعام 2011 تحت عنوان "أحلام المصريين وآليات تحقيقها ومعوقاتها .. وهل يوجد حلم قومي؟".
وأظهرت تلك الدراسة التي اجريت على عينة من 2956 مصريا ومصرية ونشرت في 17 يناير الماضي قبل أيام قليلة من الثورة أن تحقيق العدالة والاستقرار السياسي وخفض الاسعار وشرب مياه نظيفة وتوفير مواصلات مريحة تتصدر أمنيات المصريين في 2011 .
وعزا الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الامريكية هذا التحول في هرم أمنيات المصريين الى الثورة وما أحدثتها من حراك في المجتمع المصري.
وقال في اتصال هاتفي مع رويترز "نتائج دراسة 2011 لم تشكل مفاجأة لان النظام السابق كان يوجه الاعلام للحديث عن المواصلات والخدمات والهموم المعيشية أما الان فهناك عدد كبير جدا من القنوات التلفزيونية ولكل قناة برنامج حواري يومي يتناول الاوضاع السياسية."
وأضاف قائلا "الاوضاع تغيرت بعد الثورة. المواطن العادي لم يكن يتحدث قبل الثورة عن الدستور أو الاحزاب أما الان فالجميع يتكلم عن المستقبل والحكم .. حتى بائع الخبز."
وقال ان الوعي السياسي بلغ ذروته بعد الثورة وأصبح المواطن يشعر انه فاعل في مجتمعه بعد أن ظل لعقود طويلة يشعر بالتهميش والتغييب.
واضاف "المواطن الان يشعر أن له قيمة. يعتقد أن رأيه مهم وفارق وأصبح يناقش كل صغيرة لذلك اختلفت أمنياته من أمنيات تقليدية الى أمنيات سياسية من الدرجة الاولى