العراق في أزمة بعد اتهام نائب الرئيس بالإرهاب


أعلن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، المتهم بقضايا "إرهاب"، أنه مستعد للمثول أمام القضاء في إقليم كردستان الشمالي، في وقت دعا قادة العراق إلى عقد مؤتمر موسع لبحث الأزمة السياسية المتفاقمة.


وفي المساء، دعا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الى استعمال الحوار لحل الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد بعد ايام على رحيل القوات الأميركية.


وقال الهاشمي في مؤتمر صحافي عقده في مدينة اربيل (320 كلم شمال بغداد)، كبرى مدن الاقليم الكردي "اقترح تحويل القضية إلى إقليم كردستان (...) وعلى هذا الأساس أنا مستعد للمثول أمام القضاء".


وطالب الهاشمي، الشخصية السنية القيادية في ائتلاف "العراقية" الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، بان "يحضر التحقيق والاستجواب ممثلون عن الجامعة العربية ومحامون عرب من اجل ضمانة التحقيق".


وجاء المؤتمر الصحافي للهاشمي بعدما اصدرت هيئة قضائية خماسية مذكرة اعتقال بحقه مساء الاثنين على خلفية "قضايا تتعلق بالإرهاب"، بحسب ما أكدت مصادر قضائية وأمنية لوكالة فرانس برس.


وبثت قناة "العراقية" الحكومية ما قالت انه "اعترافات لأفراد حماية الهاشمي" بشأن ارتكاب "أعمال إرهابية"، قالوا أنها كانت بتكليف من نائب الرئيس وأحد مساعديه الكبار.


إلا أن الهاشمي، الذي لا يتمتع بحصانة قضائية بحسب القانون، نفى التهم الموجهة إليه، وقال أن "القضية سياسية" وان الاعترافات التي جرى بثها "باطلة".


وكان مصدر امني رفيع المستوى أبلغ فرانس برس أن "اللجنة القضائية الخماسية قررت منع سفر الهاشمي وعدد من أفراد حمايته على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب".


وفي ثاني رد فعل على الأزمة العراقية الثلاثاء، قالت الرئاسة الأميركية في بيان أن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أجرى اتصالا مع المالكي أشار خلاله إلى "الحاجة الملحة لرئيس الوزراء وزعماء الأحزاب الأخرى للقاء".


وأضاف المصدر ان بايدن بحث أيضا الوضع مع رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي وقال "للرجلين أن الولايات المتحدة تتابع عن كثب الوضع في العراق".


ودعت الادارة الاميركية الثلاثاء قادة بغداد الى اجراء التحقيقات في اطار احترام القانون.


وقالت المتحدثة باسم الخارجية فيكتوريا نولاند "ندعو السلطات المكلفة التحقيقات بإجراء هذه التحقيقات بشأن الأنشطة الإرهابية المزعومة بما يتماشى مع الأعراف الدولية وفي اطار الاحترام التام للقانون العراقي".


ورفضت نولاند التعليق بشأن صحة الاتهامات لكنها أصرت على ضرورة إجراء الحوار السياسي في العراق في اطار المؤسسات الدستورية.


وقد أعرب البيت الأبيض الاثنين عن "قلقه" حيال الأزمة السياسية التي استجدت في العراق.


وأرغمت السلطات العراقية الهاشمي على مغادرة طائرة مساء الأحد بسبب وجود مذكرتي توقيف بحق اثنين من حراسه الشخصيين، قبل ان يجري توقيفهما ويسمح لنائب الرئيس بالسفر إلى إقليم كردستان.


وأعلنت قيادة عمليات بغداد الثلاثاء ان القوات الأمنية "ملزمة" بتنفيذ أمر القبض على الهاشمي "في جميع المناطق دون استنثاء".


وتمثل قضية الهاشمي احد فصول الأزمة السياسية المستجدة التي انزلق إليها العراق بالتزامن مع اكتمال الانسحاب الأميركي من البلاد صباح الأحد، بعد نحو تسع سنوات من اجتياح البلاد لإسقاط نظام صدام حسين.


ووسط تحذيرات من احتمال "انهيار العملية السياسية"، قرر ائتلاف "العراقية" (82 نائب من بين 325) الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي الاثنين مقاطعة جلسات الحكومة (9 وزراء من بين 31) بعد يومين من إعلانه مقاطعة جلسات البرلمان.


والهاشمي هو احد ابرز الشخصيات السنية المؤسسة "للعراقية".


ودفعت الأزمة المتفاقمة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى الدعوة لعقد مؤتمر للقادة السياسيين.


وقال علي الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي أن "رئيس الوزراء يدعو لعقد مؤتمر لرؤساء الكتل والزعماء السياسيين لبحث القضايا المختلفة وتوضيح الخلل الأمني والسياسي في هذه المرحلة".


وشدد في تصريح لفرانس برس على أن "الدستور سيكون المرجع الوحيد للحل"، مؤكدا أن رئيس الحكومة "لن يساوم على دماء العراقيين مهما كان الثمن".


بدوره دعا رئيس البرلمان أسامة النجيفي قادة البلاد إلى عقد "مؤتمر وطني عام في وقت تتعرض فيه العملية السياسية الى هزات عنيفة وصدمات خطيرة ليست محمودة العواقب".


وتحدث في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه عن "أيام عصيبة من تاريخ العراق"، معتبرا أن البلاد "تعيش في مناخات الانسحاب الأميركي وتقاوم ارتدادات وانعكاسات التطورات الإقليمية وبعض دول الجوار العراقي".


وحذر من استمرار "الخطاب الطائفي وترويجه"، مطالبا القادة السياسيين بنبذ التناحر "العرقي والطائفي (...) والخروج من التقوقعات الحزبية والفئوية والطائفية والعرقية".

والنجيفي القيادي السني في ائتلاف "العراقية"، بحث اليوم مع السفير الأميركي جيمس جيفري وممثل الأمين العام للجامعة العربية ناجي شلغم والقائم بالأعمال البريطاني بيتر بوكسر، "آخر التطورات السياسية والأوضاع الأمنية الجارية" على الساحة العراقية، وفقا لمكتبه الإعلامي.


وكان الرئيس العراقي جلال طالباني أعلن في بيان نشره موقع الرئاسة العراقية أن التطورات المتسارعة في البلاد وبينها مذكرة التوقيف الصادرة بحق الهاشمي جرت "من دون التشاور والتخابر" معه.


ودعا إلى "توفير البيئة المناسبة للعمل السياسي الهادئ والمستقر الذي يضمن عدم تعريض البلد وعمليته السياسية إلى أية أضرار جانبية في هذا الوقت العصيب".


كما حذر رئيس أقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الاثنين من "انهيار" العملية السياسية على خلفية الأزمة المستجدة، داعيا إلى عقد "مؤتمر وطني عاجل".


ويذكر أن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر سبق وان دعا القادة العراقيين الى التوقيع على "ميثاق شرف"، وقد تسلم بارزاني من وفد من التيار الصدري اليوم نسخة عن مبادرة الصدر هذه.