صعوبات وانتقادات حادة تواجه بوتين في 2012



 أدى فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الروسي وخبير لعبة الجودو مهامه على مدار عام 2011 بنجاح، غير أنه تلقى صفعات، معظمها لم تتطرق إليها وسائل الإعلام الرسمية في بلاده.


والسؤال الآن هو: إلى أي مدى يستطيع بوتين  وضع غطاء على الانتقادات وخاصة إنه يسعى للعودة إلى الرئاسة التي كان يتولاها في الفترة من 2000 إلى 2008 . ويبدو أن هذه الخطوة من شأنها  إثارة الدهشة بين الذين كانوا يأملون رؤية وجه جديد في  السياسة الروسية.


ويقول المراقبون السياسيون إنه يبدو واضحا أن عميل المخابرات السوفيتية "كيه جي بي" السابق  سيواجه وقتا أكثر صعوبة   في البقاء كأكثر سياسي شعبية في أكبر بلدان العالم طيلة الوقت حتى نهاية عام 2012 .


ووفقا للأنباء  الرسمية في روسيا وفي ظل استثناءات قليلة للغاية حيث أنها نوعية الأخبار الوحيدة المتوفرة  ، فإن قيادة بوتين السلسة على رأس حزب روسيا الموحدة جعلت الميزانية الوطنية في وضع جيد وأحدثت نموا اقتصاديا رغم الركود الاقتصادي في أنحاء العالم.


ويقول المراقبون إنه مع ذلك فإن التأييد الواسع من جانب مواطني روسيا الذين يتزايد غضبهم قد يصعب على بوتين الاحتفاظ به بسبب  انقطاع الصلة بين  خط حزب روسيا الموحدة المبتهج وواقع ما يحدث في البلاد.


وقال نيكولاي بيتروف  المحلل السياسي في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي" مهما كانت الخطوات التي ستتخذها الدولة لتعزيز سلطتها ، فإنها قد تنسف شرعيتها". وأضاف "تجاهل المشاكل  لا يجعلها تختفي".


وعلى سبيل المثال ، أعلن بوتين عام 2003 " إنتصار" روسي ضد المتمردين المسلمين في القوقاز.إلا أن المتمردين واصلوا هجماتهم وفي يناير قتلوا 37 شخصا في تفجير إنتحاري بأحد مطارات موسكو.


فطوال عام 2011 ، كان المقاتلون الذين يوصفون في وسائل الإعلام الرسمية قطاع الطرق" أو "الإرهابيون"  يقومون بمهاجمة وغالبا قتل مسئولين حكوميين أو جنود بمعدل واحد كل يوم وهو معدل قال الجيش إنه كان يعادل قتل أو أسر "الجهاديين".


وقد طالب الجنرالات الروس إلى إستمرار الغارات والمداهمات ضد المخابئ المحتملة للمتمردين في الأرض الجبلية لعام 2012 قبل عامين فقط من استضافة البلاد لدورة الألعاب الأوليمبية الشتوية  في مدينة المنتجعات القوقازية سوتشي. في حين ذلك ، أشاد بوتين بالقادة المحليين "لتحقيقهم
السلام" في المنطقة.


ولم يعد الناخبون متيمين بلقطات الصور المتعددة التي تهدف إلى إظهار بوتين بأنه رجل كل الرجال. وفي الواقع هذه اللحظات غالبا ما تصبح مصدر دعابة.


وشهد عام 2011  بوتين يخفف من صورة الرجل الصارم وقيامه برحلات عامة للغاية في المناطق الأكثر سخونة في روسيا حيث تقوم وسائل الإعلام الرسمية بتسجيل كل خطواته. فقد تضمنت السيناريوهات السابقة قيام بوتين  بمطاردة النمور وقيادة طائرة مقاتلة وحتى إطلاق سهم على حوت.


ولكن المناسبة الأخيرة وهي الغوص في البحر الأسود أحدثت أثرا عكسيا حيث ثبت أن جرتين يونانيتين عثر عليهما بوتين في قاع البحر وضعهما فريقه الإعلامي هناك قبل وقت من الزيارة.


ومع إقتراب نهاية العام ، خرج عشرات الآلاف من الروس ومعظمهم في موسكو وسانت بيترسبورج إلى الشوارع وهم يهتفون "نحن لسنا قطعان من الأغنام" وهتفوا أيضا بالشعار المحظور سابقا "أرحل يا بوتين" ردا على الانتخابات البرلمانية في 4 ديسمبر التي فاز فيها حزب بوتين روسيا الموحدة بفارق ضئيل ولكن المحتجين يقولون إن الانتخابات سرقت.


وقالت وسائل الإعلام الرسمية إن الانتخابات حرة ونزيهة ، لكن المراقبين الدوليين يزعمون أن تزويرا كبيرا حدث وهو  تأكيد دعمته آلاف مقاطع الفيديو الموضوعة على مواقع الإنترنت الخاصة لمسئولي الإنتخابات الذين زوروا الانتخابات لصالح روسيا الموحدة.


والمظاهرات هي أكبر احتجاجات ضد الحكومة في روسيا خلال ما يقرب من عقدين وهي جعلت يوم 4 مارس وهو تاريخ الانتخابات الرئاسية التي يأمل بوتين في الفوز بها لحظة انتصار أو هزيمة للسياسي الروسي الكبير.


فالعودة المزمعة كرئيس للدولة تركت بالفعل سحبا على صورة بوتين. فعندما ترك الرئاسة في عام 2008 وتنحى جانبا لصالح ديمتري مدفيديف ، توقع الكثيرون إنه سيحاول  استرداد الرئاسة بمجرد إنه لم يعد مقيدا بالقوانين التي تمنع تولي الرئاسة لأكثر من مدتين متتابعتين.


لكن الأمل بقي وخاصة بعدما ظهر أن مدفيديف يحاول ترشيح نفسه ضد بوتين. إلا أن هذه الآمال خمدت عندما أعلن الرجلان في الخريف  أن بوتين سيكون مرشح حزب روسيا الموحدة للرئاسة مرة أخرى عام 2012    مع تنحي مدفيديف جانبا.
ومن شأن التعديلات الدستورية التي  دفع بها مؤخرا البرلمان الذي يسيطر عليه حزب روسيا الموحدة  السماح  لبوتين بالترشح لفترات أطول حتى عام 2024


وقال بيتروف "ليس هناك شك  في أن تزوير الانتخابات في مارس سيجعل الناس تنزل إلى الشوارع". وأضاف "إن الروس ضاقوا ذرعا بالقرارات التي تصنع لهم".