ردا على الانتقادات الأميركية للانتخابات الروسية، وجه رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، بأصابع الاتهام في مقتل الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، إلى الولايات المتحدة، قائلاً إن طائرات أمريكية بدون طيار، وقوات خاصة، شاركت في "اغتيال" الرجل الذي حكم ليبيا لنحو أربعة عقود، في 20 أكتوبر الماضي.
وقال بوتين، في مقابلة الخميس: "لقد شاهد العالم كيف تم قتل القذافي.. هل هذه ديمقراطية؟.. ومن فعل ذلك؟.. طائرات بدون طيار، بما فيها الطائرات الأمريكية التي ضربت سياراته.. ثم تم، عبر قوات العمليات الخاصة، التي لم يكن ينبغي لها أن تتواجد هناك، استقدام المعارضين والمقاتلين.. واغتالوه بدون تحقيق أو محاكمة."
وسارعت الولايات المتحدة بالرد على الاتهامات التي ساقها رئيس الوزراء الروسي، وقال وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، إن تصريحات بوتين "لا أساس لها من الصحة"، نظراً لعدم وجود قوات عسكرية أمريكية على الأرض في ليبيا، أثناء المعارك ضد كتائب القذافي.
وخلال مقابلة اعتاد الرئيس الروسي السابق، ورئيس الوزراء الحالي، إجراءها نهاية كل عام، بثها التلفزيون الروسي، ونقلتها وكالات الأنباء الرسمية، شن بوتين هجوماً حاداً على السيناتور الأمريكي، جون ماكين، مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ورداً على تصريحات لماكين، حذر فيها روسيا من أن تواجه نفس مصير ليبيا، قائلاً إن مقتل القذافي يجب أن يٌقلق رئيس الوزراء الروسي، وصف بوتين السيناتور الأمريكي بأنه "فقد التوازن العقلي، منذ أن وقع في أسر الفيتناميين وتم حبسه في حفرة."
وبينما اعتبر بوتين أن "كلام ماكين موجه إلى روسيا، التي مازالت تمتلك ترسانة نووية تقلق الغرب، بمعنى أنه يُراد لروسيا ألا تعيق من يسعى إلى فرض سيطرته على العالم"، فقد شدد على أن "الغرب ليس نسيجاً واحداً"، ونقلت وكالة "نوفوستي" عنه قوله إن "لدينا هناك أصدقاء أكثر من الأعداء."
وندد بوتين، خلال المقابلة، بطريقة تعامل الولايات المتحدة مع شركائها، معتبراً أنها لا تعاملهم معاملة الحلفاء، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة قامت، أواخر عام 2001، بتوجيه ضربة عسكرية لأفغانستان، ثم طالبت الدول الأخرى بتحديد الموقف، وفق قاعدة "إما أن تكون معي أو تكون ضدي."
واعتبر بوتين أن الولايات المتحدة أنكرت آنذاك، أنها "تنظر إلى الدول الأخرى بأنها حلفاء لها"، إلا أنه قال إن روسيا "تريد المضي قدماً في بناء علاقاتنا مع الولايات المتحدة، لاسيما وأن الولايات المتحدة تشهد تحولا داخليا، إذ لم يعد المجتمع الأمريكي يريد أداء دور الشرطي الدولي"، على حد قوله.
من جهة أخرى أشار مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو- أوكامبو الى إن مقتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي "يثير شكوكا" في أنه قد يكون جريمة حرب.
وقال مورينو ـ اوكامبو إن المحكمة الجنائية الدولية قد أبدت مخاوفها في هذا الصدد مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي.
وكان القذافي قتل في أكتوبر بعد تمكن عناصر من قوات المجلس الانتقالي من إلقاء القبض عليه قرب مدينة سرت.
وقد قال المسؤولون في المجلس الانتقالي في البداية إنه قتل في تبادل لإطلاق النار، بيد انهم وعدوا بالتحقيق في ملابسات مقتله بعد ضغوطات غربية.
وقال مورينوـ اوكامبو للصحفيين أن وفاة معمر القذافي تشكل إحدى المسائل التي يجب توضيح ملابساتها، معرفة ما الذي حصل مضيفا "أعتقد أن الطريقة التي قتل فيها القذافي تثير الشكوك في أنها قد تكون جريمة حرب".
واكمل "اعتقد إنها قضية مهمة جدا. نحن نرفع مخاوفنا هذه إلى السلطات الانتقالية، وهم يعدون خطة لتقديم إستراتيجية شاملة للتحقيق في كل هذه الجرائم".
"اعتقد إنها قضية مهمة جدا. نحن نرفع مخاوفنا هذه إلى السلطات الانتقالية، وهم يعدون خطة لتقديم إستراتيجية شاملة للتحقيق في كل هذه الجرائم "
وكان مقاتلو المجلس وجدوا العقيد القذافي مختبئا في أنبوب مجاري كونكريتي، بعد حصار دموي وطويل لمسقط رأسه مدينة سيرت.
وقد أظهرت لقطات فيديو غير محترفة أخذت في حينها، القذافي جريحا وعلى قيد الحياة، محاطا بحشد من المقاتلين المعارضين له والمبتهجين لإلقاء القبض عليه.
وظهر القذافي في الفيديو وهو يتحرك وسط الحشد ثم يضرب ويسقط أرضا عدة مرات قبل أن يختفي مع سماع أصوات إطلاق أسلحة نارية.
كما توفي ابنه المعتصم الذي القي القبض عليه معه عندما كان تحت اسر مسلحي الثوار.
وقال المجلس الوطني الانتقالي الليبي إن العقيد القذافي قد قتل بتبادل إطلاق نار إلا انه عاد في وقت لاحق بعد ضغط من الحلفاء الغربيين للقول انه سيحقق في كيفية مقتله مع نجله.
وأشار مورينو اوكامبو إلى انه "بسبب تبدل الظروف نتيجة وفاته"، أمر قضاة المحكمة الجنائية الدولية في 22 نوفمبر بإقفال ملف معمر القذافي الذي كان ملاحقا بموجب مذكرة توقيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وتتهم المحكمة الجنائية الدولية ابنه الآخر سيف الإسلام الذي ما زال في السجن لدى السلطات الليبية بارتكاب جرائم حرب.
وقد وافق المدعي العام لورينو ـ أوكامبو على محاكمة سيف الإسلام في ليبيا وليس في مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.