على الأقل قد بدأ الصعود أو على الأقل إننا نأخذ خطوات قليلة في الاتجاه الصحيح. ارتدى مرشدنا المار ريف حذاء الجليد ليقودنا في الطريق بجرأة. يرينا ريف كيفية التعامل مع طبقة جليدية يبلغ ارتفاعها مترين ومواصلة التحرك في الثلوج العميقة قائلا: "عليكم أن ترفعوا الحذاء إلى أعلى والتحرك إلى الأمام وليس الدوران". لكن ما يبدو سهلا لا يمكن محاكاته بسهولة. ويقترب المبتدئون من الحصول على عصي وأحذية التزلج عندما يقول ريف "لا تفكروا فيما تفعلون، فقط ابقوا ناظرين للامام عن كثب وتأملوا الطبيعة البكر في الطريق".
ووصف الكاتب الألماني لودفيج شتيوب وادي تانهايمر بأنه "أروع واد مرتفع في أوروبا". المشهد هنا جزء من منطقة آلغوي بجبال الألب لكنه حقيقة يقع في النمسا ويمتد من لشتال عبر جايشتباس وبحيرة هالدن حتى ممر اوبربوخ البافاري. وتؤيد سلطة السياحة المحلية رأي ستيوب بلا كلل حيث يزين هذا الشعار كافة الخرائط والكتيبات المحلية.
ويمتد منظر الثلوج البيضاء الوضاءة ها هنا على مرمى البصر تحفها القمم البارزة لكنها لا تبدو بنفس وعورة مناطق الألب الأخرى. نحن الآن بالفعل على ارتفاع ألف و100 متر ولا تبدو بعيدة عنا القمم البالغ ارتفاعها ألفي متر باتجاه الشرق أو المشهد البعيد باتجاه شمال تانهايم (1866 متر).
يقول ميشيل كيلر مدير هيئة السياحة: "نحن في الحقيقة أول سلسلة من سلاسل جبال الألب يمكنك أن تصل إليها" متجاهلا ذكر حقيقة أن هذا الأمر ينطبق على الضيوف القادمين من جهة الشمال فقط.
ويكون الوادي بأكمله في أيدي الألمان معظم أوقات السنة. وتكون حجوزات المبيت في المناطق السياحية الستة كاملة العدد تقريبا في الصيف كما هو الحال في الشتاء باستثناء انه في أشهر الشتاء يكون هناك تدفق مستمر لممارسي رياضة التزلج ليوم واحد من المدن الألمانية القريبة مثل أولم وأوجسبورج.
والمفارقة هي أن الدخول إلى المنطقة أكثر يسرا ومباشرة للضيوف القادمين من تلك الأنحاء مقارنة بالرحلة من أينسبروك عاصمة تيرول.
ويمكن الوصول ليونجولتس أكثر غربية المدن السياحية باتجاه الغرب فقط عبر الأراضي الألمانية. يقول هانز هات مدير سكك حديد جبل يونجولتس بيرجبانن: اعتدنا على أن يتم اعتبارنا منطقة اقتصادية ألمانية تخضع للسلطة القضائية النمساوية. والأمر الوحيد الذي يذكر بهذا الآن هو رمزنا البريدي المزدوج- واحد نمساوي وواحد ألماني".
يذكر أن هات هو مبتكر "جونيور تيريتوري" وهو الاسم الذي أعطي للمحمية المسورة البالغة مساحتها 20 ألف متر مربع والتي تنتشر بها قرى الخيام الجلدية (التيبة) وبيوت الجليد المزودة بنظام تدفئة من تحت الأرض وعروض الجليد. يقول هات: "بأسلوب مرح نسعى إلى أن نجعل الأطفال يعتادون على فكرة التزلج".
وتتميز مدينة التزلج تلك بوجود 10 كيلومترات من مدارج التزلج 70% منها تحمل العلامة الزرقاء التي تميز المناطق الآمنة للمبتدئين. وبعد أن صنفها هات على أنها سوق مغرى قرر منذ عشرة أعوام استهداف فئة الأطفال والأسر.
ويمارس الرجل البالغ من العمر 64 عاما رياضة التزلج بنفسه ساعتين يوميا. وهو بلا شك الشخص الأكبر سنا الذي يمارس تلك الرياضة على ساحة التزلج.
ربما يكون للأمر صلة بثمن تذاكر المصاعد حيث يدفع الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الستين عاما مبالغ أقل بينما لا يدفع من تتجاوز أعمارهم الثمانين أي أموال على الإطلاق. أيضا، قد يتعلق الأمر بالمجموعة الكبيرة من الأنشطة المعروضة في الوادي والتي من بينها منحدرات التزلج وبرج تسلق الجليد ومهرجان البالون.
وتجتذب رحلات التزلج التي تعرضها هيئة السياحة ثلاث مرات أسبوعيا زوار تصل أعمارهم إلى عشر سنوات. وإلى الآن، تجاوز عمر أكبر مشارك ستين عاما.
لكن ما يتقاسمونه جميعهم هو إنهم جميعا يلهثون عند نهاية الرحلة ويرسلهم المرشد في جولة شاقة أخرى.