مصر تؤسس مرصدا للفتاوي التكفيرية
القاهرة: الصحافة.
أكد فضيلة الدكتور شوقي علام ، مفتي الجمهورية، أن ظهور عدد من الفتاوى التي تنال من المجتمع وتهدد السلام الاجتماعي في مصر والعالم العربي والإسلامي بل والإنساني، كان هو الدافع لدار الإفتاء المصرية لإنشاء مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، مضيفا بأن المرصد مركز بحثي رصدي يعمل على مدار الساعة ويتابع كافة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ويعد التقارير والبحوث اللازمة للتعامل مع تلك الفتاوى وتقديم المعالجات الدينية والاجتماعية لها واختيار السبيل الأمثل للرد عليها.
وأوضح المفتي في حواره مع الدكتور معتز عبد الفتاح في برنامج "باختصار" والذي يذاع على فضائية "المحور"، أن داعش ليست إقامة للدولة الإسلامية وإنما هي تقويض للدول القائمة، وإطلاق مسمى الدولة الإسلامية عليها هو من باب التلبيس على الناس، مؤكدًا أنه لا يوجد في نصوص الشرع قديمًا وحديثًا ما يبيح القتل إلا بعد المحاكمة القضائية العادلة التي تؤدي إلى الاطمئنان إلى أن القتل هو الجزاء العادل، وأي ممارسات تخالف ذلك ليست من الدين ولا الشرع في شيء، وما تقوم به داعش من قتل للناس وفق الهوى أو وفق تفسيرات شاذة ومتشددة هو جريمة وإرهاب منظم.
وأكد المفتي في حواره التلفزيوني أن دار الإفتاء المصرية تكافح من أجل تصحيح المفاهيم وإزالة ما علق بها من تشوهات، مؤكدا أن المسلمين يقدرون المجاهدين تقديرًا نابعًا من القرآن الكريم نفسه، ونقصد هنا الجهاد الذي يقصد به صد العدوان على بلاد المسلمين وتحت راية الدولة والمؤسسات المعنية بهذه الأمور ولا يجوز لآحاد الناس إعلان الجهاد، كما أنه لا يمكن إعلان الجهاد ضد غير المسلمين من غير المعتدين والذين تربطهم بالمسلمين علاقات ومعاهدات وأخوة في الحضارة الإنسانية.
وأضاف المفتي أن التراث الفقهي غني بالمبادئ التي استفاد منها الغرب في نظمه القانونية والدستورية، والذي أدى بنا إلى أننا عندما نقرأ بعض نظمهم القانونية نجد أننا أمام بضاعتنا التي استفاد منها الغرب وردت إلينا، مؤكدا أن الشيخ أحمد هريدي، مفتي الديار المصرية الأسبق،عندما سئل عن حكم الاحتكام إلى القوانين الوضعية فأجاب أن كل أمر لا يخالف الشريعة فهو من الشريعة. مشيرًا إلى أن الحكمة ضالة المؤمن وهو أولى الناس بها.
وأكد مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء مؤسسة مصرية تخدم المسلمين وغير المسلمين وتستقبل الأسئلة من كافة ربوع العالم وتجيب عليها بعشر لغات مختلفة وهذا يلقي عليها أمانة ومسئولية كبرى في التبليغ عن رب العالمين. كما تستقبل الدار العديد من الأخوة المسيحيين للاستفسار المواريث وهو ما يعزز من كون دار الإفتاء المصرية تخدم المصريين كافة سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين.
وحذر المفتي من تزايد ظاهرة تصدي غير المتخصصين للإفتاء، حيث أن الفتوى في حد ذاتها صنعة وحرفة لابد من التدريب عليها واتقانها وفق المنهج الأزهر الصحيح، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء قد أنشأت مركزًا للتدريب على الفتوى ومهاراتها، وإعداد الكوادر الإفتائية الناضجة والواعية بشئون الدين والدنيا.
كما أوضح فضيلة المفتي أن التشكيك في الصحابة والمقدسات الإسلامية هو كلام مختل يحتاج إلى وقفة حازمة، وهو من الأمور القديمة التي أجابت عليها كتب الفقه منذ قديم الزمان، ودار الإفتاء تعمل على إعداد ردود علمية موثقة بالأدلة والبراهين العلمية الجديدة على كل الشبهات التي تثار من حين لآخر، مضيفًا أن الإعلام ليس المكان المناسب لإثارة تلك القضايا.
وفيما يتعلق بقضايا الإعدام ورأي المفتي فيها، قال مفتي الديار المصرية أن قانون الإجراءات الجنائية ينص على وجوب أخذ رأي المفتي في أحكام الإعدام، وهذا الشرط لضمان أن يحصل المتهم على كافة حقوقه، وهو رأي استشاري غير ملزم للمحكمة، فلها أن تأخذ به أو أن تتركه، وهو ما اعتدنا عليه منذ قديم الزمان حتى إن سجلات دار الإفتاء المصرية تحوي مراسلات بين الشيخ حسونة النواوي، أول مفت للديار المصرية.
وحذر مفتي الجمهورية من توظيف الدين في السياسة، مؤكدا أنه لا ينبغي أن يوظف الخطاب الديني لصالح طائفة بعينها، ولا ينبغي أن يستخدم في التنافس السياسي والحزبي، ودور عالم الدين ينبغي أن يرتبط بالمصالح العامة ورعاية شئون الأمة بعيدًا عن الصراع الحزبي والسياسي.
وأضاف أن الشعب المصري أيد ثورة الـ30 من يونيو، وتجلى هذا التأييد في الخروج الكبير في الاستفتاء على الدستور والموافقة عليه، ثم تلى ذلك خروج الشعب لاختيار القائد والرئيس ليكون رأس الحكم وقائد المرحلة.
واختتم فضيلة المفتي حواره بالتأكيد على أن المسلم مأمور شرعًا بإعمار الأرض وتنميتها والمساهمة في بناء الحضارة، مشيرًا إلى أن مشروع قناة السويس الثانية من المشروعات العملاقة التي تخدم الأجيال الحالية والقادمة والتي تؤدي إلى إعمار الأرض وتحقيق مراد الله في الكون، داعيًا إلى تكاتف الدولة والمجتمع من أجل إنجاح هذا المشروع العملاق.