أميركا ترفض وصف ثورة مصر بالإنقلاب

القاهرة: الصحافة
جاءت ثورة مصر في ٣٠ يونيو بمثابة صدمة للحكومة الأميركية ، فبعد فشلها في توقع ثورة ٢٥ يناير التي أسقطت حليفها القديم الرئيس السابق محمد حسني مبارك، فشلت للمرة الثانية خلال عامين في توقع ثورة الشعب المصري ضد نظام الإخوان، وهو النظام الذي قامت أميركا بدعمنه وتمكينه بعد أن وجدت فيه البديل لنظام مبارك المخلوع .
حالة الارتباك الأميركي بعد ثورة ٣٠ يونيو كانت واضحة ، فمازالت أميركا حتى الآن لا تستطيع إعلان موقفها النهائي مما حدث في مصر في هذا اليوم . السبب هو مكانة مصر، فأميركا لايمكن أن تغامر بخسارة الجيش المصري الذي يحتل المرتبة الرابعة عشرة بين جيوش العالم . لأن ذلك يعني خسارة أميركا نفوذها في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
ورغم حجب أميركا جزء من المساعدات العسكرية لمصر الى ان تحرز تقدما في الديمقراطية وحقوق الانسان، ما زالت الحكومة الأميركية مرتبكة جدا بشأن ما إذا كانت تصف إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي في يوليو "انقلابا."
وظهرت أحدث تعبيرات بلاغية للإدارة الأميركية عندما اطلع المسؤولون الأميركيون الكونجرس الاسبوع الماضي على قرارهم بحجب تسليم طائرات مقاتلة، ودبابات، وطائرات هليكوبتر، وصورايخ، بالاضافة الى 260 مليون دولار من المساعدات لمصر.
الكثيرون في واشنطن يؤمنون أن ماحدث في مصر في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ثورة حقيقية، ضد فاشية دينية، وجماعة انقضت على الديمقراطية بدلا من تدعيمها، وقد ظهر ذلك جليا في مواقف عدة ، منها تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في زيارة له إلى باكستان عندما قال أن ماحدث في مصر ثورة، وأن تدخل الجيش المصري حمى البلاد من حرب أهلية . وكلام أوباما نفسه في خطابه الأخير بالأمم المتحدة ، حيث قال أن مرسي أدارة الدولة بطريقة سيئة ، ولك يكن صالحا للحكم .
وأبلغ المسؤولون مساعدين بالكونجرس انهم قرروا في هدوء احترام قانون يحظر المساعدات للحكومة المصرية في حالة وقوع انقلاب عسكري، حتى على الرغم من اتخاذ الادارة قرارا في الصيف بانها غير مجبرة على تقرير ماذا كان هذا انقلابا، أم لا، ومن ثم فانها ليست مضطرة لتطبيق القانون.
وقال مساعدون بالكونجرس أن مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع (البنتاجون)، ووكالة التنمية الدولية، والذين ناقشوا الوضع في مصر في الكونجرس مازالوا يرفضون استخدام تعبير"انقلاب" لوصف الاطاحة بمرسي الاسلامي، وأول رئيس لمصر منتخب بشكل حر، وقال مساعد بمجلس النواب بعد المناقشة "أوضحوا تماما أنهم لايصفونه بانقلاب."
وتوضح قضية التعبيرات اللغوية تلك ما يعتبره بعض المحللين بسياسة أميركية قلقة تجاه مصر حيت تتعارض الرغبة في النظر لواشنطن على أنها داعمة لحقوق الانسان، والديمقراطية، والامل في الاحتفاظ بنفوذ في بلد مهم من الناحية الاستراتيجية، وعدم ازعاج الجيش المصري.
وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "هناك الف طريقة لوصف تقاطع مصالحنا وقيمنا هنا."
وعلى الرغم من تعليق المساعدات الأسبوع الماضي يعتزم الرئيس باراك اوباما مواصلة تقديم بعض المساعدات للقاهرة بما في ذلك قطع الغيار العسكرية، وتدريب ضباط الجيش، وأموال لتشجيع التنمية الصحية والتعليمية والاقتصادية.
ولكن مسؤولين ومساعدين بالكونجرس قالوا إن تحويل هذه الأموال سيتطلب أن يمنح الكونجرس أوباما سلطة انفاقها وهو امر اختاره اوباما في محاولة لتفادي إثارة غضب النواب باحترام القانون ضد إعطاء مساعدات لدول يقع فيها انقلاب.
وشعر النواب الأميركيون باستياء في وقت سابق من العام الجاري عندما تملص اوباما من اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان يصف اطاحة الجيش بمرسي انقلابا. وكان من شأن توصيف كهذا ان يؤدي بشكل تلقائي الى تعليق المساعدات السنوية التي تبلغ نحو 1.55 مليار دولار.
واصبح تفادي وزارة الخارجية الامريكي كلمة"انقلاب" مادة للبرامج التلفزيونية، وأثار تساؤلات عما اذا كانت الولايات المتحدة تنافق برفضها التحدث بصراحة وبوضوح.