الهوتي: المجتمع سبب العزوف عن الأزياء

القاهرة : أماني ياسين.


أكدت المصممة العمانية نوال الهوتي أن المعوقات الاجتماعية مازالت تفوق المعوقات الأخرى التي تواجه المصممة الخليجية،  وتتمثل في نظرة المجتمع للمرأة العاملة،  ونظرة الرجل للمرأة، وعدم تقديره لطبيعة هذه المهنة،  وقد تصل ببعض الرجال لعدم الاعتراف بتصميم الأزياء  كمهنة، مضيفة أن ذكورية المجتمع الخليجي تسبب نفورا من مهنة تصميم الأزياء، مشيرة إلى أن هذه المعوقات الاجتماعية بدأت تضمحل شيئا فشيئا. 


وشاركت المصممة الهوتي في عدد من العروض العربية والعالمية منها "مهرجان الأزياء العمانية" في مسقط 2003، وعرض "أريج الشرق" في مسقط 2004،  وعرض في روما (ايطاليا) 2005، وعرضين في بيروت 2005-2006، وعرض في باريس في قاعة اليونسكو2007، وعرض "رحال" في صلالة 2008.
وأدارت الهوتي منذ سنوات مشروعا حكوميا رائدا تحت عنوان "سند" يهدف إلى تدريب الفتيات العمانيات على الخياطة.


وعن مدى استفادتها من التراث العماني في التصميم قالت الهوتي "تعتبر الطبيعة العمانية والتراث العماني مصدرا غنيا لأي فنان أيا كان فنه،  وليس فقط التصاميم الخاصة بالأزياء،   ذلك أن التنوع الحضاري والمناخي في السلطنة وفر مادة غنية جدا للإبداع ، ومن جهة أخرى الأثر النفسي والاجتماعي الذي يتركه التراث يخلق له خاصية جمالية وجاذبية تجعله مقصدا، إن كان من حيث المعنى أو من حيث الشكل واللون، ثم أن أهم دافع وراء استلهام التراث هو خصوصيته المتفردة على مستوى العالم، وهذا ما سيجعل تصاميمي لها خصوصية".


موضات تراثية


وحول مدى إقبال العمانيات على الموضات المستلهمة من التراث رغم التطور قالت "يتبادر للجميع في ظل التطور الحاصل على جميع الأصعدة أن هناك ردة فعل سلبية على الألبسة التراثية أو المستمدة من التراث، لكن هذا مغاير للواقع العماني تماما،  حيث يرجع الإقبال على الأزياء المستلهمة من التراث العماني لأسباب معينة أهمها بأن سلطنة عمان تدعم التراث بكل أشكاله  وهذا بطبيعة الحال جعل الحس النفسي لجمالية التراث العماني يحتفظ بنقائه،  وبقي الشغف للتعاطي مع كل ماهو تراثي بشيء من الاحترام، لذلك نرى الأبنية الحديثة،  ولكنها تحتفظ بنفحة تراثية عمانية، ومن جهة أخرى المحاولة لإيجاد تطوير للتراث يتناسب مع مايحدث من تطور على جميع الأصعدة، هذا ما جعل بابا كبيرا يفتح للإبداع حيث المساحة تصبح أكبر للتصاميم الجديدة والرائعة".


وأشارت الهوتي إلى أن خطوط وألوان الموضة تختلف من مصمم إلى آخر حسب البيئة والموسم,  فالتصميم بحد ذاته يعكس الحالة النفسية التي يشعر بها المصمم في تلك اللحظة، وبدوره ينقلها في تصاميمه مثله مثل الفنان التشكيلي أو أي فنان آخر.


معوقات اجتماعية


وحول المعوقات التي تواجه المصممة الخليجية عموما والعمانية خاصة قالت الهوتي "هناك معوقات على الصعيد الاجتماعي، وأخرى على الصعيد الاقتصادي، وطبعا المعوقات الاجتماعية تفوق الأخرى،  وهي تتمثل في نظرة المجتمع للمرأة العاملة،  ونظرة الرجل للمرأة، وعدم تقديره لطبيعة هذه المهنة، وقد تصل ببعض الرجال لعدم الاعتراف بها كمهنة، أضف إلى ذلك العادات والتقاليد،  حيث أن هذه المهنة تستلزم السفر والتنقل ومواجهة الناس، وقد تؤثر بعض الحالات المجتمعية على ذلك،  والتي بدأت تضمحل شيئا فشيئا . أما المعوقات الإقتصادية فقد تظهر في صعوبة تحمل نفقات هذا العمل، خاصة إذا لم يكن هناك جهة تدعم هذا العمل،  كما أن مردوده في البداية قد لايشجع على الإستمرار،  إذا لم تتكاتف بعض الجهات الأخرى من أجل الدعم".
وعن المشروع المجتمعي الحكومي الرائد الذي تشرف عليه لتدريب الفتاة العمانية على الخياطة قالت الهوتي "مشروع "سند" قائم على تدريب الفتيات العمانيات على الخياطة النسائية، وقد انطلق عام 2005  وخرجنا في المرحلة الأولى منه 1049 فتاة عمانية في مجال الخياطة، ويقدم المشروع دورة تدريبي مدتها 16 شهرا تدرس الفتاة خللها مناهج متخصصة في الاخياطة والتطريز والتفضيل، وإدارة المشروعات الصغيرة واللغة الانجليزية والسلامة المهنية وصيانة ماكينات الخياطة،  والهدف منه ترسيخ هذه المهنة الشريفة التي كانت وما زالت تمارس في بيوتنا،  إلا أن الزحف من قبل القوى العاملة الوافدة أصبح يشكل خطرا على روح التصميم في الزي العماني،  لذلك كان لابد من أخذ القرار بإقامة هذا المشروع،  وكان لي الشرف الكبير في إدارته".


وأضافت أن "المشروع شهد إقبالا كبيرا،  والمواهب الواعدة أكبر ، وتم إنجاز المراحل التي خطط لها بنجاح، وكثير ما نقرأ ونشاهد عبر وسائل الإعلام المختلفة عن المعارض التي تقوم بها الحاضنات الخاصة بالتدريب، وافتتاح المحلات عن طريق الخريجات أنفسهن،  ونجاحهن في سوق العمل،  ومشاركتهن في العديد من عروض الأزياء المحلية والخليجية والعربية ، إلا أنني ولإرتباطي الشديد بعروض عربية وعالمية ولانشغالي بتطوير دار الأزياء الخاص بي فقد اعتذرت عن مواصلة المشروع، ولكن البركة في الجيل الحالي لمتابعة سير الركب كما خطط له" .


وعن مدى ما تحققه المشاركة في عروض عالمية أشارت نوال إلى أنها استفادت من المشاركات سواء داخلية كانت أم خارجية في تراكم الخبرات لديها،  والإطلاع على أعمال المصممين العرب والأوروبيين .. تقول "كي تطور عملك،  ويكون لك موطيء قدم في عالم الموضة،  لابد أن تتابع ما يحدث فيه محلياً وعربياً وعالمياً .. أضف إلى ذلك كله أنك تنشر ثقافة بلدك من خلال أزياءها، وتثبت لهم أننا نملك فناً مثلما يملكون،  ولكن بأصالة لا يملكونها .. لهذا دائماً ما تثير عروض أزيائنا انتباه وإعجاب من يشاهدها بما في ذلك المصممين الغرب أنفسهم" ..


وتطرقت المصممة العمانية إلى ثقافة الموضة ودور الإعلام في ترويجها ، وقالت أن الإعلام والقنوات الفضائية المتنوعة هي أفضل الطرق للتوجيه الآن،  ولكن بشكل مدروس ومسئول،  لأن ثقافة الموضة لها الكثير من التأثيرات إيجابية كانت أم سلبية،  والمشاهد له مطلق الحرية في الاختيار،  ولتكون إيجابية عليه أن يختار ما يناسب طبيعة مجتمعه وثقافته بعيدا عن الإسفاف وتقليد ماهو مسيء".


وعن قلة عدد المصممين الخليجيين بالمقارنة بالمصممات أوضحت الهوتي إن المجتمع الخليجي وحتى العربي مجتمع ذكوري بتربيته،  وهذا بطبيعة الحال يولد نفورا من أي مهنه تحمل طابعا أنثويا،  كون هذه المهنة ارتبطت عبر التاريخ بالمرأة وليس الرجل ، لذلك فإننا نرى أسماء قليلة جدا من المصممين الذكور .


وحول دور الاكسسوارات في التصميم قالت  "الإكسسوارات في نظر بعض المصممين هي مكملة للزي ، ولكني أرى أنها ضرورة لابد منها ، وفي أحيان كثيرة فإن قطعة الإكسسوار هي من تلهمني بفكرة الزي ، وفي هذه الحالة يصبح الزي هو مكمل لقطعة الإكسسوار"


ونجحت الهوتي في التوفيق بين عملها وبيتها ، عن ذلك تقول "أحاول جاهدة أن أوفر الوقت الكافي لأسرتي،  فأنا متهمة دائما بالتقصير في هذا الجانب، وهواياتي لاتكاد تخرج من إطار التصميم .. فأنا أمارس مهنة التصميم الداخلي وإنفذها في منزلي وداري الخاصة بالأزياء ، وبالنسبة لعائلتي فهم الحكم الأول في تصاميمي،  حيث أن لهم ذوق رائع أيضا في تصميم بعض أزيائهم الخاصة حين تتعذر تلبية طلباتهم لانشغالي الدائم".


وقالت الهوتي أن تقديم عرض معين سيناريو يتكرر دائما ويتطور أيضا من عرض لآخر مع اختلاف المكان سواء خليجيا أو على مستوى الوطن العربي أو أوروبا ، حيث يبدأ بفكرة ثم يصبح هاجسا لاينتهي حتى يبدأ التنفيذ .


وأشارت إلى أن "الألوان هي الهاجس الأكبر كذلك نوعية الخامة ، حتى العارضة التي سترتديه لابد أن تحمل روح الزي،  فهي مهمة ، وأقولها بكل أمانة أن خروجي أمام الجمهور هي لحظة لاتنسى أبدا،  فأنا هنا لا أكون المصممة نوال الهوتي كشخص،  وإنما العمانية نوال الهوتي،  أفاخر بعمانيتي وبما قدمته من باقة عمانية أصيلة" .