قالت المنظمة المصرية لحقوق الانسان ان مصر شهدت انتهاكات "جمة" على صعيد الحقوق السياسية والاقتصادية على مدى العامين الماضيين في اعقاب الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية عام 2011.
وتحل الذكرى الثانية لاندلاع الانتفاضة يوم الجمعة المقبل في ظل أزمة سياسية بين القوى الاسلامية التي ينتمي لها الرئيس المنتخب محمد مرسي والقوى الليبرالية المعارضة.
وترفض المعارضة الدستور الجديد للبلاد، وتقول انه يقيد الحقوق والحريات وتتهم جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها مرسي بالسعي للسيطرة على كل السلطات.
وذكرت المنظمة في تقريرها السنوي الذي صدر اليوم بعنوان (مواطنون بلا حقوق .. بعد عامين من ثورة 25 يناير) انه "بعد مرور عامين على الثورة... مازالت حرية الرأي والتعبير تعاني. اما العدالة الاجتماعية فقد كانت مثل سابقتها في طي النسيان. ولم يتم ايلاء منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية اهتمام يذكر".
وقال حافظ ابو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان في مؤتمر صحفي بمقر المنظمة بالقاهرة "يؤسفنا ان المقارنة بين الاوضاع وبين ما قبل وما بعد لم تكن في صالح ما بعد الثورة".
وذكر التقرير ان المنظمة رصدت خلال العام المنصرم نحو 165 حالة تعذيب داخل اقسام الشرطة من بينها 17 حالة وفاة توافرت "شكوك قوية" انهم قتلوا جراء "التعذيب وسوء المعاملة"، واضاف انه تم توثيق وقائع تعذيب 12 امرأة داخل اقسام الشرطة منذ الاطاحة بمبارك.
وقال التقرير ان اوضاع حرية الرأي والتعبير لم تشهد أي تغير. واضاف ان الوضع ازداد "قتامة" في عهد مرسي.
واشار ابو سعدة الى تقديم العديد من البلاغات ضد صحفيين بتهمة "اهانة الرئيس" من بينها ثلاثة بلاغات من مؤسسة الرئاسة.
وذكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في القاهرة يوم الأحد أن أول مئتي يوم في حكم مرسي -الذي تولى الحكم في 30 يونيو حزيران الماضي- سجلت رقما قياسيا في ملاحقة الإعلاميين والصحفيين "بزعم إهانة الرئيس" بما يزيد على ما شهدته مصر طوال أكثر من 115 عاما.
وقال ابو سعدة ان المنظمة المصرية رصدت 356 حالة لانتهاكات حرية الرأي والتعبير لصحفيين واعلاميين ومدونين.
ووصف ابو سعدة مقتل الصحفي الحسيني ابو ضيف خلال اشتباكات بين معارضين ومؤيدين لمرسي امام قصر الاتحادية الرئاسي الشهر الماضي بأنه "تطور خطير" في التعامل مع الصحفيين.
وقال التقرير ان الحق في التجمع السلمي شهد "انتهاكات بلا حدود...اثناء تولي المجلس العسكري الفترة الانتقالية للحكم أو في عهد الرئيس مرسي"، ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من مسؤولين بادارة مرسي.
وقال عصام شيحه المحامي بالنقض وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد في المؤتمر الصحفي "النظام الحاكم اعتمد على آلية قمع المتظاهرين وتربص بحرية الرأي والتعبير".
وانتقد التقرير استمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين واشار الى رصد المنظمة لنحو 1300 حالة محاكمة عسكرية لمدنيين في العامين الماضيين.
واشار ابو سعدة الى استمرار تعرض المصريين في الخارج لانتهاكات برغم تعهدات وزارة الخارجية بالعمل على حماية المصريين في الخارج والدفاع عن حقوقهم، وانتقد شيحة ما اسماها "النظرة المزدوجة" في التعامل مع المصريين في الخارج.
وندد نشطاء باهتمام الرئاسة بقضية اعتقال مصريين ينتمون لجماعة الاخوان المسلمين مؤخرا في الامارات وتجاهلها لقضايا اخرى.
وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية قال التقرير "يمكن القول ان منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لم تشهد أي تطور وخاصة في العام الثاني للثورة وبعد تولي رئيس مدني مقاليد السلطة .. لكن على العكس زادت حدة الازمات الاقتصادية التي عصفت بالبلاد".
وقال ابو سعدة ان تردي الاوضاع الاقتصادية "يضغط على الفقراء والمهمشين بالبلاد وينتهك حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية."
وانتقدت المنظمة الدستور المصري الجديد الذي اقر في ديسمبر كانون الاول وقالت انه ينتهك حقوق المرأة والمسيحيين واوصت بضرورة إعادة تشكيل جمعية تأسيسية منتخبة من كافة طوائف المجتمع لصياغة دستور جديد.
ووصف التقرير الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور والتي هيمن عليها الاسلاميون بأنها "مشوهة" ولا تمثل كافة طوائف الشعب.
وردا على سؤال بشأن اتهام التيار الحاكم لمنظمات حقوق الانسان بالتحامل والمبالغة قال ابو سعدة "كان نفس الاتهام موجها الينا قبل الثورة وكانوا يتهموننا بالانحياز للاخوان المسلمسن".
وقال عن تفسيره للانتهاكات التي ارتكبت بعد تولي الاسلاميين الحكم رغم تعرضهم للتنكيل والسجن قبل الانتفاضة "هم يعتقدون ان هذه هي اساليب الحكم ويرون ان الفارق بينهم وبين مبارك هو الانتخابات فقط