في خطاب يعيد للأذهان خطابات الرئيس السابق حسني مبارك ، الذي أسند الثورة الشعبية ضده إلى عامل خارجي، اتهم الرئيس المصري، محمد مرسي، "جماعات" قال إنها مرتبطة بالنظام السابق، وتلقت تمويلا من الداخل والخارج لارتكاب أعمال العنف خلال الأيام الماضية بعد "الاندساس" في صفوف المحتجين، وأكد عزمه على محاسبتهم بعد استخدامهم السلاح، كما دعا إلى حوار في مقر الرئاسة السبت لتجاوز الأزمة الراهنة، متعهدا بعدم استخدام الإعلان الدستوري إلا في أعمال السيادة.
وقال مرسي، في خطاب ألقاه ليل الخميس، إنه لا يفرق بين المصريين "في حق الأمن والسلامة من العدوان" بصرف النظر عن الدين والانتماء السياسي.
وأضاف أن ما وصفها بـ"الأحداث الأليمة" وقعت "تحت سقف من الخلاف السياسي الذي كان من المفترض أن يحل بالحوار عبر الاحتكام إلى صوت الشعب" في إشارة إلى الاستفتاء المرتقب على الدستور، داعيا إلى وجوب حل القضية عبر "التعقل والسكينة الذي تنزل فيه الأقلية على رأي الأغلبية"
وتابع مرسي بالقول، إن على الجميع "تجاوز المصلحة الخاصة للحزب أو الطائفة" مضيفا: "الرياح جرت بأشياء أخرى، فأرجو الله أن يقي الوطن والمواطنين من شرورها."
وأكد الرئيس المصري على احترام حق التعبير، ولكنه شدد على أنه لن يسمح بـ"القتل والتخريب ترويع الآمنين، أو تخريب المنشآت العامة أو الانقلاب على الشعبية القائمة على الخيار الحر للشعب المصري."
وتناول مرسي بعض الأحداث التي جرت خلال الفترة الماضية، فقال إن سيارات الرئاسة تعرضت لاعتداء الثلاثاء، أدى إلى إصابة سائق، وأردف بالقول: "الأربعاء جرى الاعتداء على المتظاهرين السلميين من المندسين باستخدام السلاح، وهذا هو الجديد في الأمر، استخدام السلاح الناري وقنابل الغاز.. البعض اندس ضمن أهل الرأي، ولن يفلت هذا البعض من العقاب."
وكشف مرسي عن توقيف العشرات من المتورطين بالأحداث أو باستخدام السلاح، قائلا إن التحقيقات أشارت إلى وجود "روابط عمل واتصال مع بعض من ينسبون أنفسهم إلى القوى السياسية، وأضاف: "التحقيقات ستطال من يقف خلفهم ومموليهم في الداخل أو الخارج الذين جمعوا أموالهم من الفساد عبر التعامل مع النظام السابق الذي أجرم وأجرم معه هؤلاء."
وأكد مرسي أن النظام السابق "لن يعود إلى أرض مصر،" مشيرا إلى اجتماع جرى لتنسيق "أعمال العنف" في منزل أحد المتهمين السابقين بقضية موقعة الجمل، دون أن يكشف هويته.
وانتقل إلى الحديث عن الإعلان الدستوري، قائلا إن دوافعه لإصداره، والمتمثلة بالقلق من المخاطر المحدقة بأمن البلاد، ما زالت قائمة، ولكنه شدد على أن تحصين القرارات الرئاسية "لم يقصد منه منع المواطنين من الطعن على قرارات أو قوانين، ولن يتم اللجوء إليه إلا في ما يتصل بأعمال السيادة التي تمارسها الدولة."
ونفى مرسي أن يكون مصرا على المادة السادسة (التي تمنح الرئيس سلطات واسعة في حالات الطوارئ) كما كرر التأكيد على أن العمل بالإعلان الدستوري سينتهي بمجرد إعلان نتيجة الاستفتاء على مشروع الدستور بالموافقة أو بالرفض، مضيفا أنه أراد بهذا الإعلان الوصول إلى مرحلة إنجاز الدستور والاستفتاء عليه.
وكشف مرسي أنه تواصل مع بعض رؤساء الأحزاب ومع الكنيسة، وأسفر ذلك كله عن دعوة للحوار الشامل مع كل الرموز والقوى السياسية، ورؤساء الأحزاب، وكبار رجال القانون ظهر السبت بمقر الرئاسة، مشيرا إلى أن النقاش سيشمل أيضاً قضايا أخرى بينها خريطة طريق لمرحلة ما بعد الاستفتاء، وإمكانية استكمال مجلس الشورى دراسة قانون الانتخاب.
وأكد مرسي أنه في حال حصول الدستور الجديد على موافقة غالبية المصريين، فستبدأ عملية "بناء المؤسسات الدستورية،" أما إذا رفضه الشعب، فسيقوم بالدعوة إلى تأسيس جمعية دستورية جديدة بالانتخاب أو بالتوافق لوضع دستور جديد.
وأكد العديد من النشطاء ورموز الحركة المدنية المصرية أن الخطاب مخيبا للآمال ، وأنه لم يقدم شيئا، على العكس فقد تمسك الرئيس بالاعلان الدستوري الذي فجر المشكلة، وأصر على إتمام الاستفتاء على الدستور في موعده رغم الرفض الشعبي العام له. بسبب هيمنة الإسلاميين على اللجنة التي قامت بإعداده، وانسحاب معظم التيارات السياسية منها، والثغرات العديدة فيه.
وكان الرئيس المصري قد فاجأ الشعب بإعلان دستوري غريب أقال فيه النائب العام المستشار عبدالحميد محمود، وعين شخصا آخر بدلا منه، ووسع فيه من سلطاته بشكل غير مسبوق، وحصن قراراته من أي طعن عن طريق القضاء. وهو ما أثار غضب شعبي عارم وتوحد التيارات والأحزاب المعارضة ضد مرسي، واندلاع مظاهرات أوقعت قتلى ومصابين.