مصر : سلفيو كوستا تسعى لإنشاء حزب سياسي




تعتزم حركة "سلفيو كوستا" في مصر إنشاء أول حزب سياسي لها، وذلك للمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتنموية فقط من دون الانخراط في المنافسة السياسية، وتعرف الحركة نفسها رسميا على صفحتها بأنها: "حركة تنموية مجتمعية غير حكومية، وغير ربحية أسست بواسطة مجموعة من الأفراد من التيار السلفي ونمت لتضم مختلف تيارات المجتمع في ظل روح من التعاون والإخاء للنهضة بالمجتمع و أفراده".


ووفقا لموقع بي بي سي يقول مؤسس الحركة محمد طلبة لـ بي بي سي حول رغبة الحركة في التسجيل كحزب سياسي وليس كجمعية خيرية إن الحركة لديها أهداف تتجاوز فكرة الجمعيات الخيرية.


ويقول طلبه: "هذا الحزب سيكون حزبا مجتمعيا وليس سياسيا، ولن يكون جمعية أيضا لأن الجمعيات الخيرية مقيدة في بعض الأعمال، بالإضافة إلى أن الحركة لديها بعض الأهداف التي تتعلق بمعالجة قضايا البيئة والتمييز وقضايا الشباب المختلفة وهي قضايا لها أبعاد ثقافية واجتماعية وسياسية أيضا.


ويأتي الاسم "سلفيو كوستا" نسبة إلى سلسة مقاهي "كوستا" الشهيرة، وقد اختارت الحركة في بداية ظهورها شعار يفيد بأنها دائما تدفع ثمن المشروبات، وذلك في إشارة ساخرة إلى أن الكثير من الأخطاء التي يقوم بها البعض تنسب مباشرة إليهم لمجرد أنهم سلفيون.


ويقول طلبه إن الهدف من إنشاء حزب سياسي هو بالإضافة إلى خدمة المجتمع بصورة أوسع، هو توفير سند قانوني يحمي الحركة وأنشطتها المختلفة، ويراقب وضعها المالي وفقا للقانون، وأن السياسة هي مجرد وسيلة وليست غاية.


ويضيف طلبه: "نخشى أن نستيقظ يوما فنجد أنفسنا جمعية أو حركة غير قانونية، أو نُتهم أننا نمارس اختصاصات ليست من شأن الجمعيات الخيرية، أو أننا نوالي أحزاب أو جماعات معينة".


وبالبحث عن أبرز الأنشطة التي قامت بها الحركة أخيراً على أرض الواقع، اتصلت بي بي سي بمدير جمعية "أبناء المستقبل" أحمد عبد الكريم التي قامت الحركة من خلالها بتنظيم إحدى القوافل الطبية لأبناء قرية بركة موسى بمدينة أطفيح بالجيزة والتي تشتهر بأنها من بين أكثر القرى فقرا في مصر والتي لا يوجد بها عيادة طبية واحدة كما يقول عبد الكريم ويزيد عدد سكانها على 20 ألف نسمة، وقال عبد الكريم: "قامت الحركة بتنظيم قافلة طبية بالقرية والتي استفاد منها أكثر من 600 شخص، بالإضافة إلى صرف الأدوية بالمجان".


لكن عبد الكريم كان يتمنى أن تزيد فترة القافلة عن اليوم الواحد حتى تتسع الفرصة لآخرين من أبناء القرية كانوا يرغبون في الاستفادة من هذه الفرصة.


وحول رأيه في الأحزاب القائمة حاليا وعدم رغبة الحركة في الانخراط في أي منها، يقول طلبة: "الأحزاب الموجودة اليوم تعاني من الاستقطاب، وتميل لفكرة العمل في الإطار الايديولوجي الذي تنطلق منه، وهو ما لا يناسب طبيعة الحركة، وقد لا يوافق الكثير من أفراد المجتمع، وبالتالي يجب أن تكون هناك كيانات تعمل خارج هذا الإطار من أجل تمكين الناس من خدمة مجتمعهم والعمل على النهوض به بغض النظر عن فكرة الانتماءات الفكرية".


وفيما يتعلق بمصادر تمويل الحزب، يقول محمد البحراوي أحد أعضاء فريق إدارة الحركة المكون من خمسة أشخاص، إن التمويل سيأتي من خلال إشتراكات الأعضاء مثلما يحدث في باقي الأحزاب.


ويضيف البحراوي: "هناك مساهمات أعضاء الحركة التي تتفاوت وفقا لمقدرة كل عضو، كما أن هناك متبرعون سوف يساهمون في دعم الحزب ماديا وعينيا لإنجاحه، وهناك أيضا التبرعات التي يمكن أن يجمعها الحزب بصورة قانونية لدعم برامجه ومشروعاته."


لكن رئيس تحرير مجلة "الديموقراطية" في الأهرام بشير عبد الفتاح يختلف حول رؤية الحركة في تأسيس حزب لممارسة الأنشطة الاجتماعية فقط من دون ممارسة العمل السياسي والمنافسة على السلطة.


وقال عبد الفتاح لـ بي بي سي: "أعتقد أن فكرة هذا الحزب هي أقرب لعمل مؤسسات المجتمع المدني وليس للأحزاب السياسية التي من المفترض أنها تؤسس للعمل السياسي والمنافسة على السلطة".، وأضاف: "وفقا لمبادئ النظم السياسية، فإن الأصل في تكوين الأحزاب هو أن تسعى إلى الوصول للسلطة لتطبيق برامجها وأفكارها".


ويرى عبد الفتاح أن في هذا خلط بين الدور الذي يجب أن تقوم به مؤسسات المجتمع المدني أو الجمعيات الخيرية، وبين الأنشطة الحزبية التي تعتمد في الأساس على النشاط السياسي.


ويضيف: "أعتقد أنه من الأفضل لحركة سلفيو كوستا أن تستمر في عمل أنشطتها وتقديم خدماتها بشكل مجتمعي فقط، وليس من خلال العمل الحزبي ما دام الهدف ليس سياسيا في الأساس"


وتشكلت الحركة في إبريل عام 2011 بإطلاق صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي، ويقول طلبة إن الحركة بها أحقية تاريخية لكل من السلفيين والأقباط، حيث بلغت نسبة السلفيين فيها نحو 40 في المئة، وبلغت نسبة الأقباط فيها نحو 35 في المئة.


ويبلغ عدد الأعضاء الحركيين الذي يقومون بالأنشطة على الأرض نحو 140 شخص، لكن المؤيدين للحركة أكثر من ذلك بكثير، حيث يبلغ عددهم على صفحتها على الفيسبوك أكثر من 140 ألف شخص، كما يقول طلبه.


ويقول الدكتور محمد عمارة، عضو اللجنة العليا لحزب النور السلفي لبي بي سي: "مع ترحيبي بجهود الحركة، إلا أنني أعتقد أن الفكرة غير صائبة، وذلك لأن الأصل في تكوين الأحزاب هو المشاركة السياسية، وكان تأسيس الأحزاب الإسلامية في الأساس هو من أجل المنافسة السياسية حيث كانت هناك ضرورة لذلك".


كما يرى عمارة أن تكوين حزب سياسي جديد عن طريق حركة "سلفيو كوستا" قد يساهم في تفتيت مجموع الأحزاب القائمة التي تحسب على التيار الإسلامي في الوقت الذي يمكن أن تقوم فيه الحركة بكافة الأنشطة الثقافية والاجتماعية من خلال تكوين مؤسسة أهلية.


ويقول عمارة: "إن العمل لخدمة المجتمع مفتوح أمام المؤسسات والجمعيات الأهلية للقيام بالانشطة التي تختلف عن أنشطة الأحزاب السياسية، وأن الأنشطة الاجتماعية والثقافية تنظم من خلال الجمعيات الأهلية التي يمكنها أن تقدم خدماتها في مجالات مثل رعاية الأسر الفقيرة والأيتام وإنشاء المستشفيات وفصول محو الأمية والمؤتمرات الثقافية وغيرها من الأنشطة".


ويقول مؤسس الحركة إن حركة "سلفيو كوستا" تشبه الحركات والأحزاب الخضراء الموجودة بالفعل في العديد من دول أوروبا والتي تولي اهتماما كبيرا بالبيئة وسبل الحفاظ عليها والعمل على تنمية المجتمعات المحلية من خلال ثقافة المشاركة في الخدمات والأنشطة المجتمعية.


كما أن الحركة لا تستهدف فئات معينة حتى تستطيع أن تنتشر بين مختلف طوائف المجتمع وتعمل على إنجاح فكرة الإندماج المجتمعي، كما يقول طلبة.


وتقول الحركة على صفحتها على فيسبوك، إن من بين مهامها المساهمة في النهوض بالتعليم والقضاء على الأمية من خلال المساهمة في المصروفات الدراسية لمساعدة الصغار والكبار.


ويقول طلبة إن الأعمال والأنشطة التي تحقق نهضة المجتمع هي أكثر أهمية من المنافسة على المناصب السياسية، ويضيف: "إن كثير من الأموال التي تنفق على الدعاية الانتحابية من الأولى أن تذهب إلى أعمال التنمية والخدمات التي يحتاجها المجتمع، لأن الهدف من ذلك هو أن يعود النفع في نهاية الأمر على الفرد والمجتمع، وليس الأحزاب السياسية".