أظهرت أشرطة فيديو منشورة على شبكة الانترنت صورا منسوبة الى مقاتلين معارضين في سوريا يلقون اشخاصا من سطح أحد الابنية، ويذبحون رجلا بالسكين، ويطلقون النار تكرارا على رجل رغم أنه قتل من الطلقة الأولى، ما أثار استياء ناشطين معارضين، وتعليقات ساخطة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتشير أشرطة الفيديو التي نشرت الاثنين ولا يمكن التأكد من توقيت حصولها او مكانه الى انها وقعت في محافظة حلب في شمال البلاد. وقد تبرأ الجيش السوري الحر في الداخل من منفذي تلك الممارسات.
وتتهم منظمات ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان قوات النظام والمقاتلين المعارضين له بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان في سوريا التي تشهد اضطرابات منذ 17 شهرا قتل فيها اكثر من 21 الف شخص.
وأكد المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل قاسم سعد الدين أن هذه الممارسات "ليست من أخلاق الجيش الحر"، مضيفا "هذا تصرف فردي ونحن ندينه".
وشجب مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن "الممارسات الوحشية"، في حال تاكدت صحة الأشرطة، مؤكدا انها "ليست من اخلاق السوريين".
ويظهر في أحد الأشرطة رجال يلقون اشخاصا من سطح مبنى البريد في مدينة الباب في محافظة حلب، ولا يمكن التأكد مما اذا كان هؤلاء احياء او موتى. ويمكن مشاهدة ثلاث جثث على الأرض، قبل ان يتم القاء ثلاثة أجساد اخرى من سطح المبنى.
ويقول مصور الشريط "أبطال مدينة الباب في مبنى البريد"، بينما يصرخ أشخاص تجمعوا في أسفل المبنى بعد رمي الشخص الأول "هذا شبيح... هذا شبيح".
وفي شريط آخر، يظهر رجل معصوب العينين، ومقيد اليدين وراء ظهره، يقاوم مجموعة من الرجال يجبرونه على التمدد ارضا. ثم يقوم أحدهم بجز عنق الرجل بالسكين اكثر من مرة، الى ان يتدفق دمه على الرصيف، وسط صيحات "الله اكبر"، ويقول أحد المقاتلين المفترضين لرفاقه قبل عملية القتل "افضل أن نقتله برصاصة، ويجيبه آخر بحدة "لا، لا، اسكت".
ويقول المصور "هذا مصير كل شبيح وكل مؤيد"، ثم "الحمد لله الحمد لله... يا بشار هذا مصير جيشك وشبيحتك"، وفي الشريط الثالث الذي التقط حسب ما هو معلن في مدينة اعزاز في محافظة حلب، يظهر رجل بلحية يلقى به من سيارة، ويداه مقيدتان وراء ظهره، ويدفع به أرضا.
ويقوم احدهم باطلاق النار عليه من مسدس صغير، ثم يطلق عليه آخر رشقا رشاشا، ويتابعان اطلاق النار رغم مقتله.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان "اذا تأكدت هذه الأشرطة، فانها اعمال وحشية تسيء الى الثورة وتخدم اعداء الثورة في الداخل والخارج".
وأضاف "هذه ليست اخلاق السوريين. نحن نناضل من اجل الوصول الى دولة ديموقراطية ومدنية في سوريا. إننا ندين انتهاكات حقوق الانسان التي يقوم بها النظام ولا يمكننا الا أن نشجب كل انتهاكات حقوق الإنسان من اي جانب أتت".
وشدد عبد الرحمن "على وجوب معاملة الأسير وفق القوانين الدولية والشرائع السماوية"، وأبدى ناشطون ومؤيدون "للثورة السورية" غضبهم من هذه الأشرطة.
ونشر الفنانان السوريان الأخوان ملص على صفحتهما على "فيسبوك" تعليقا جاء فيه "بعد سقوط النظام، سنعود ونواجه أصحاب هذا الفيديو بكامل قوتنا، وهذا تحد. (...) ليست هذه الثورة التي قمنا من أجلها. انتم لا تعرفون الله، انتم تقتلون باسم الله ظاهريا وبطريقة الأسد ضمنيا".
وكان الأخوان ملص اللذان قدما أعمالا فنية عدة ناقدة للنظام وجاهرا بمعارضتهما غادرا سوريا سرا في ديسمبر 2011، ولجأا الى مصر، وكتب الصحافي والناشط الكردي مسعود عكو من جهته على صفحته على "فيسبوك"، "ثوار حلبيون يذبحون شبيحا ويكبرون عليه، وكأنهم يذبحون حيوانا. استغرب منهم كيف لا يأكلون لحمه بعد ذبحه؟ فما هو الفرق بينهم وبين وحش في غابة؟".
وأضاف "ما الفرق بينكم، وبين من يقتل أطفالكم ونساءكم ورجالكم؟ لا أحد يبرر بأنها ردة فعل. هذه الوحشية لا يمكن أن تكون ردة فعل أبدا".
على الأرض، عبر متظاهرون خلال الأسبوع الماضي عن رفضهم لمثل هذه الممارسات وحمل أحدهم في العاشر من أغسطس لافتة كتب عليها "لا يكفي تسمية كتائب الجيش الحر باسماء الصحابة ولكن يجب التخلق باخلاق الصحابة ايضا"، وحمل آخر لافتة كتب عليها "الجيش الحر يا تقبشني، عالحاجز لا تكمشني".
على "فيسبوك"، طرح مثقفون سوريون نص عريضة للتوقيع عليها جاء فيها "بعد ظهور بعض الممارسات اللاأخلاقية، والتي لا تعبر عن روح الثورة والشارع السوري الثائر وقيمه، نستنكر بأشد العبارات ما يظهر من فيديوهات يتم فيها رمي جثث لعسكريين من على سطح أحد الأبنية وبعض الفيديوهات التي تعرض عمليات ذبح بالسكين".
وتطالب العريضة الجيش السوري الحر "بمنع وقوع مثل هذه الأخطاء والممارسات من بعض العناصر التي تدعي أنها من الجيش الحر أو أنها منضوية ضمن صفوف الثورة"، كما يتبرأ الموقعون "من هذه التصرفات وندينها بأشد عبارات الإدانة".