يحتاج هذا الحاسوب إلى مساحة 500 متر مربع ويزن 100 طن وتبلغ قدرته ثلاثة بيتافلوب، إنه أسرع كمبيوتر أوروبي حتى الآن والموجود في مركز لايبنيتس لعلوم الكمبيوتر "ال ار زد" في مدينة جارشينج بالقرب من ميونيخ جنوب ألمانيا، يستطيع هذا الحاسوب أداء ثلاثة تريليونات عملية حسابية في الثانية.
ويحتل هذا الكمبيوتر العملاق المركز الرابع على مستوى العالم وستشدن وزيرة البحث العلمي في ألمانيا، أنيته شافان، و نظيرها في ولاية بافاريا، فولفجانج هويبيش، هذا الحاسوب العملاق الذي يحمل اسم "سوبر ام يو سي" بعد غد الجمعة.
وتشبه شركة أي بي ام قدرة الكمبيوتر بموقف يصعب تصوره وهو أن ثلاثة مليارات شخص يقوم كل منهم بمليون عملية حسابية في الثانية.
وقالت شافان:"أجهزة الحاسوب العملاقة هي مفتاح للعثور على إجابات للأسئلة الملحة الخاصة بالقرن الحادي والعشرين".
وتتيح أجهزة الحاسوب ذات الأداء الخارق لألمانيا مكانة رائدة في حل التحديات الكونية فيما يتعلق بالمناخ والطاقة والتغذية والنقل والأمن والاتصالات.
ويعتبر هذا الإنجاز لمركز "ار ار زد" التابع للأكاديمية البافارية للعلوم امتدادا لتقليد عمره 50 عاما للمركز وهي بهذا الحاسوب تحتفل بمرور 50 عاما على إنشاء هذا المركز عام 1962 والذي خفف عن العلماء الكثير من جهد إجراء العمليات الحسابية الروتينية "وذلك عندما كانت أجهزة الحاسوب تستخدم فقط للحساب بمعناه الحقيقي، كأن يستخدمها المهندسون في حساب الإحصاءات على سبيل المثال" حسبما أوضح بوده.
سيستخدم هذا الحاسوب الذي صنعته شركة أي بي ام من قبل علماء في ألمانيا وعلماء من 23 دولة أخرى منها إسرائيل وتركيا.
وستبت لجنة دولية في الطلبات التي تقدم من قبل باحثين للحصول على تصريح باستخدام هذا الكمبيوتر "وهو محجوز بالفعل من قبل باحثين يريدون استخدامه في أبحاثهم، نحن نتلقى الكثير من الاتصالات لحجزه لدرجة أن هذه الطلبات تفوق قدرته ثلاث إلى سبع مرات.." حسبما أوضح بوه.
يستفيد من هذا الحاسوب علماء الفيزياء والجيولوجيا والفلك والرياضة والطب وكذلك المهندسون وعلماء المناخ.
وقالت شافان:"لقد استقرت المحاكاة إلى جانب تكوين النظريات والتجربة كركن ثالث للعلم.. وبذلك فإن الحواسيب العملاقة قد غيرت نوع البحث العلمي وبسطت تطوير المنتجات".
تستطيع الحواسيب فائقة القدرة رسم صورة للتغيرات المناخية وآثار الكوارث مثل الزلازل والنماذج المتعلقة بالحركات التي تحدث تحت قشرة الأرض.
ويمكن لهذه الحواسيب أن تعرض ما حدث في الكون عقب الانفجار العظيم، كما أن نظرية المادة السوداء والطاقة السوداء في الكون لم تتأكد إلا بمساعدة هذه الحواسيب.
كما تستخدم مثل هذه الحواسيب في دراسة التسلسلات الجينية أو الهياكل البروتينية المعقدة الضرورية لمكافحة أمراض مثل الزهايمر أو الشلل الرعاش، وباستطاعة العلماء تصور طريقة عمل أعضاء الجسم مثل الرئة دقيقة بدقيقة وذلك في خطوة لتجنيب المرضى الذين يعانون من صعوبة التنفس على سبيل المثال أي أضرار في التنفس.
ويتعاون الباحثون مع الشركات في مجال تقنية وسائل النقل في تطوير توربينات أخف للطائرات.
كما أوضح بوده أن أجهزة الحواسيب تستخدم في محاكاة كل شيء عند صناعة السيارات بدءا من خفض الوقود وحتى أجهزة التكييف التي تعرض الركاب لما يشبه التيار الهوائي.
ويوفر حاسوب "سوبر ام يو سي" الجديد الكثير من الطاقة باستخدام تقنية غير عادية حيث يتم تبريده باستخدام ماء في درجة حرارة 40 درجة مئوية "فرقائق هذا الحاسوب تعمل بشكل صحيح أيضا في درجة حرارة 70 أو 80 درجة" حسبما أوضح بوده مضيفا:"يتخلص الماء من السخونة بشكل أفضل مما يفعله الهواء وذلك بسبب طاقة السخونة الأعلى".
وبينما تحتاج الحواسيب التقليدية لتبريدها 50 إلى 100% إضافية من حاجتها الأصلية من الطاقة فإن الحاسوب الجديد يحتاج لتبريده طاقة إضافية لا تزيد عن 10 إلى 20% من الطاقة المطلوبة لتشغيله وبذلك سيتم توفير 850 ألف يورو سنويا من تكاليف الطاقة.
وستستخدم الحرارة المنبعثة عن الحاسوب في تدفئة المباني المجاورة شتاء، كما أنها ستستخدم في الصيف في التبريد من خلال تبخير مادة مبردة، كما أن هناك تأثيرا آخر لاستخدام الماء الساخن في التبريد ألا وهو أن صوت الحاسوب أكثر هدوءا بدون مرواح التبريد "فهناك حواسيب عملاقة في العالم صوت مراوحها المستخدم في التهوية مرتفع لدرجة لا يمكن معها دخول غرف الحاسوب بدون استخدام حماية واقية للأذن" حسب بوده.
طورت شركة أي بي ام هذه التقنية الجديدة على المستوى العالم خصيصا لحاسوب "سوبر ام يو سي" مما يجعله ميزة كبيرة لألمانيا على مستوى الأبحاث حسبما رأى هانز يورجين ريم المتحدث باسم مركز لايبنيتس لعلوم الكمبيوتر الذي توقع أن تجد هذه التقنية طريقها للعديد من مراكز الحاسوب في العالم.
يقوم نحو 20 من موظفي المركز على رعاية هذا الحاسوب العملاق على مدار 24 ساعة وتتحمل ولاية بافاريا أجورهم .
وتتقاسم الحكومة الاتحادية وحكومة ولاية بافاريا تكاليف صناعة هذا الحاسوب وتوسعة المبنى الذي وضع فيه الحاسوب وتبلغ هذه التكاليف نحو 130 مليون يورو شاملة تكاليف الكهرباء لمدة خمس إلى ست سنوات، وهي الفترة التي سيبدأ بعدها بناء كمبيوتر آخر، أكثر قدرة من هذا الكمبيوتر