أظهرت دراسة أن الأولوية الكبرى بالنسبة للشباب العربي تتمثل في الحصول على الأجر العادل وامتلاك المنزل الخاص، متفوقة بذلك على التوق إلى الديمقراطية الذي كان من أبرز نتائج الاستطلاعات السابقة.
ومثلت هذه النتائج الرئيسية التي أعدتها "أصداء بيرسون مارستيلي الرابع لرأي الشباب العربي" بعض من المؤشرات المهمة التي توصل إليها استطلاع واسع تم إجراؤه بالتعاون مع شركة "بينشوين آند بيرلاند أسوشييتس" في 12 دول عربية. ويكشف الاستطلاع الذي يأتي بعد مرور عام على انطلاق الربيع العربي، توجهاً أكبر لدى الشباب نحو الاهتمام بقضايا تتسم بطابع شخصي واقتصادي، أكثر مما هو الحال بالنسبة للمخاوف المتعلقة بالشأن السياسي العام.
واليوم، لم يعد الحصول على أجر عادل يشكل الأولوية الجماعية القصوى لمن شملهم الاستطلاع – بنسبة 82% من أصوات المشاركين الذي أكدوا بأنه أمر "بالغ الأهمية" بالنسبة لهم- فحسب، بل وأصبح الأولوية القصوى على المستوى الشخصي ضمن جميع الدول الـ12 التي شملها الاستطلاع. وفي الوقت ذاته، تراجعت نسبة الأصوات التي تقول بأن العيش في بلد ديمقراطي أمر "بالغ الأهمية" بمعدل 10% مقارنة بالعام الماضي. فهذه السنة، اكتفى 58% من الشباب العربي بالقول بأن هذا الموضوع "بالغ الأهمية" بالنسبة إليهم، مقابل 68% في 2011.
وتضمن الاستطلاع مقابلات فردية مع شباب تراوحت أعمارهم بين 18-24 سنة في 12 دولة عربية هي دول مجلس التعاون الخليجي الـ6 (البحرين، الكويت، عمان، قطر، السعودية، والإمارات)، ومصر، والأردن، ولبنان والعراق، وللمرة الأولى كلٍ من ليبيا، وتونس. وشمل الاستطلاع عينات إحصائية من مواطني هذه الدول حصراً، تم أخذها في الفترة بين ديسمبر 2011 ويناير 2012.
وقال جوزيف غصوب، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في "مجموعة ميناكوم" - الشركة الإقليمية الأم لـ "أصداء بيرسون مارستيلر": "أصبحنا مدركين، بعد مرور 18 شهراً على الربيع العربي، بأن الشباب في الشرق الأوسط ملتزمون تماماً ببذل كل جهد ممكن لبناء مستقبل أفضل. وفي حين أبدى هؤلاء الشباب قلقاً حقيقياً حيال ارتفاع تكاليف المعيشة وامتلاك المساكن الخاصة، على سبيل المثال، إلا أنهم عبروا في الوقت ذاته عن تفاؤل كبير بالمستقبل. ويسرنا أن نرى نظرة الشباب نحو المستقبل حافلةً بالأحلام والتطلعات والطموحات الكبيرة".
ومن جانبه قال جيريمي جالبريث، الرئيس التنفيدي لشركة "بيرسون-مارستيلر" في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: "تتجلى في نتائج الاستطلاع المؤهلات الكبيرة التي يتمتع بها الشباب العربي، من حيث مشاركته في القضايا الراهنة واستخدامه الفعال للتقنيات الحديثة وآماله وتطلعاته العقلانية لمرحلة ما بعد أحداث الربيع العربي".
وأضاف جالبريث: "يعتمد ’استطلاع أصداء بيرسون-مارستيلر لرأي الشباب العربي‘ على رؤى الشباب والشابات العرب سواء في المدن الحديثة الغنية في منطقة الخليج، أو المناطق الريفية في المشرق العربي وشمال أفريقيا، ليقدم براهين مستندة على أدلة ملموسة، هي في غاية الأهمية بالنسبة لجميع المعنيين بمستقبل هذه المنطقة الشابة التي تشهد نمواً متسارعاً".
وقال سونيل جون، الرئيس التنفيذي لشركة "أصداء بيرسون-مارستيلر": "نعمل منذ عام 2008 على إعداد أكبر وأشمل استطلاع لرأي الشباب العربي في المنطقة، والذي يتضمن استقصاء الآراء وتحليل البيانات ومشاركة نتائجها المهمة مع مختلف المعنيين من الحكومات وشركات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني على حد سواء. لهذا السبب، نحرص في أصداء بيرسون-مارستيلر على المضي قدماً في هذا الاستثمار الفكري الرائد سنوياً، وهو استثمار كبير في الوقت، والجهد، ورأس المال، لنقدم نتائج الاستطلاع لكل المعنيين والمهتمين، لأننا ندرك تماماً أهمية توفر المعلومات الموثوقة هنا في الشرق الأوسط، التي ما زالت فيها الأبحاث المتعلقة بالرأي العام محدودة للغاية.
وأضاف جون: "يقدم استطلاع هذا العام، وهو أكبر الاستطلاعات التي أعددناها حتى اليوم، مجموعة غنية ومتنوعة من المعلومات التي تساهم في رسم ملامح الرأي العام وإثراء عمليات وضع السياسات المتعلقة بالشباب في المنطقة. نحن فخورون بتقديم هذه المساهمة للمجتمع العربي ولعملائنا الذين تزداد ثقتهم فينا يوماً بعد الآخر".
وتتضمن النتائج الرئيسية الأخرى لـ"استطلاع أصداء بيرسون مارستيلر الرابع لرأي الشباب العربي" النقاط التالية:
ـ ارتفاع تكاليف المعيشة أبرز المخاوف وأسباب القلق لدى الشباب العربي؛ أكدت نسبة 63% من الشباب العربي المشاركين بالاستطلاع بأنهم "قلقون جداً" بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، علماً بأن هذه القضية كانت مصدر القلق الأول للشباب العربي في العام الماضي أيضاً (بنسبة 57%).
ـ أكدت نسبة 41% من الشباب العربي بأن غياب الديمقراطية هو أهم المعوقات التي تواجه المنطقة، فيما أكدت نسبة معادلة لها بأن النزاعات المدنية تشكل العائق الأكبر.
ـ اتفقت نسبة 72% من الشباب العرب المشاركين في الاستطلاع على أن المنطقة قد أصبحت أفضل حالاً بعد الربيع العربي، فيما أكدت نسبة 68% منهم بأنه قد أصبحوا أفضل حالاً على المستوى الشخصي مما كانوا عليه قبل عام واحد.
ـ حوالي ثلاثة أرباع الشباب العربي يعتقدون بأن حكومات بلدانهم أصبحت أكثر موثوقية وشفافية منذ بدء أحداث الربيع العربي – إلا أنهم في الوقت عينه عبروا عن قلقهم بسبب ارتفاع نسب الفساد.
ـ تقول أغلبية الشباب في دول الشرق الأوسط بأن القيم التقليدية ذات أهمية كبرى؛ بالتزامن مع ازدياد مستمر في نسبة الشباب الذين يعتقدون بأن هذه القيم أصبحت بالية ويجب استبدالها.
ـ ينظر الشباب في الشرق الأوسط اليوم برؤية هي الأكثر إيجابية تجاه فرنسا بين كافة الدول غير العربية، حيث قال 46% من المشاركين بالاستطلاع أن نظرتهم "إيجابية للغاية" تجاهها، بالتزامن مع نمو ملحوظ في النظرة الإيجابية تجاه الصين والهند.
ـ بعد مرور عام على انطلاق الربيع العربي، ازداد اهتمام الشباب في الشرق الأوسط بمتابعة الأخبار، حيث قال 52% منهم أنهم يحرصون على البقاء مطلعين على الأخبار والمستجدات يومياً، مقارنة بـ 18% فقط العام الماضي.
ـ لا يزال التلفاز أهم مصدر للأخبار بالنسبة للشباب العربي، فقال 62% من المشاركين بأنهم يعتمدون على القنوات التلفزيونية للبقاء مطلعين على آخر المستجدات في العالم، وهو تراجع ملحوظ عن نتائج العام الماضي البالغة 79%.
ـ اليوم، أصبحت قراءة وكتابة المدونات النشاط الأول بين الشباب في المنطقة، حيث قال 61% من المشاركين في الاستطلاع بأنهم مهتمون بمتابعة المدونات، مقارنة بـ 29% فقط في 2011.