الكارثة النووية اليابانية تضع علماء منبوذين تحت الضوء



كان هيرواكي كويدي قبل حدوث  زلزال مارس الماضي، باحثا يابانيا مغمورا، وغالبا ما كان موقفه الثابت ضد الطاقة النووية مثار سخرية الخبراء الآخرين.  إلا أنه ومنذ حدوث أسوأ زلزال،  وماتلاه من موجات المد العاتية )سونامي) تشهدها البلاد،  مما أد إلى وقوع حادث نووي كبير لا تزال آثاره قائمة حتى الآن ، احتشد الرأي العام خلفه، مما حول كويدي إلى المؤلف الأكثر مبيعا وواحد من أكثر المتحدثين  الذين يجرى السعي إليهم في البلاد.


فقد تلقت الثقة العامة في الحكومة ووسائل الإعلام الرئيسية ضربة ، وخاصة منذ تحول الضرر الذي لحق بمحطة فوكوشيما دايتشي  للطاقة النووية (250 كم شمال شرقي طوكيو) لأن تصبح أكثر خطورة مما أعلن عنه في بداية الكارثة.


وتعرضت المنشأة لتسرب مادة إشعاعية إلى البيئة منذ تسبب زلزال وتسونامي 11 مارس في حدوث حرائق وانفجارات في المحطة.


ونظرا للشعور بالضجر من التقارير الرسمية ، يسعى الكثيرون لمعرفة رأي كويدي حول الحادث والطاقة النووية. وباع كتابه أكذوبة الطاقة النووية" 280 ألف نسخة منذ صدوره في يونيو وفقا للناشر مؤسسة فاسوشا للنشر.


وقد ازدادت صفوف الحركة المناهضة للطاقة النووية منذ الحادث مع تفضيل 70% من الجمهور التخلص من توليد الكهرباء من الطاقة النووية وفقا لاستطلاع رأي أجرته وكالة أنباء كيودو.


غير أن كويدي قال إن لديه مشاعر مختلطة بشأن شهرته الجديدة، وقال أمام حوالي ألف من الحضور  في ندوة خلال شهر إبريل عن منشأت الكهرباء النووية "أنا أيضا أتحمل مسئولية عدم تمكني من الحيلولة دون وقوع الحادث ، حيث أنني أحد العاملين في مجال الطاقة النووية".


ونشأ الأستاذ المساعد في معهد أبحاث المفاعلات في جامعة  كيوتو خلال فترة النمو الاقتصادي الكبير في أواخر الستينيات، وقرر وهو طالب في إحدى المدارس الثانوية أن يكرس حياته لتطوير الطاقة النووية، ولكن بمجرد بدء أبحاثه الجامعية في مدينة سينداي، بدأ يفقد ثقته في الطاقة النووية.


وكانت أكبر مدينة في شمال شرقي البلاد في حاجة إلى المزيد من الكهرباء ومن ثم قامت شركة بالمنطقة ببناء منشأة نووية.


ورغم ضمانات السلامة ، قررت السلطات بناء المفاعل على مسافة 60  كم  خارج المدينة في بلدة أوناجاوا،   وهو ما جعله يتعجب عن السبب وفقا لقوله.


وقال كويدي "وبالعودة للماضي ، كانت الإجابة في غاية البساطة. فأي منشأة للطاقة النووية تحمل مخاطر لا يمكن أن تتحملها مدينة كبيرة".


وشارك في مسيرة خرجت في أكتوبر عام 1970 للاعتراض  على إقامة المنشأة وأخذ يعمل ضد الطاقة الذرية منذ ذلك الوقت ، وقدم مساعدات في دعاوى قانونية ضد الطاقة النووية،  وتحدث إلى جماعات المواطنين.


ومع أحداث مارس التي زعزعت ثقة الشعب في الصناعة النووية اليابانية التي توفر 30% من كهرباء البلاد، تزايد التأييد لصالح كويدي.


وقال كينيتشي أسانو وهو أستاذ بجامعة دوشيشا في كيوتو "إن الشعب الياباني تفاجأ بعلمه أن كويدي كخبير قد عارض الطاقة النووية منذ 40 عاما. والشعب الآن يكن له احتراما كبيرا"، وقال أسانو "في حين أن كويدي عالم ، فإنه قدم وجهة نظر اجتماعية".


أما تاكاشي هيروسي فهو شخص أخر صاحب مهمة مماثلة ولكن بأسلوب مختلف، وقد حذر المهندس وهو أيضا مؤلف تعد كتبه المناهضة للطاقة النووية من أكثر الكتب مبيعا، طويلا من أن المنشآت النووية ليست آمنة في بلد معرضة للزلازل، وتقع في ملتقى أربع مناطق زلزالية.


وتنبأ بحدوث كارثة وشيكة في كتابه "المفاعل النووي..قنبلة  زمنية" الذي نشر في أغسطس عام 2010  ، رغم إنه أشار إلى محطة هاماوكا للطاقة النووية وليس فوكوشيما على أنها المرشح المحتمل لهذه الكارثة.


وقد أغلقت محطة هاماوكا التي تقع قرب خط صدع جيولوجي وسط اليابان في مايو بناء على طلب من رئيس الوزراء في ذلك الوقت ناوتو كان وسط تزايد مخاوف الشعب.


وفي كتابه "انصهار محطة فوكوشيما النووية" الذى صدر مؤخرا ،  اتهم هيروسي  أيضا الحكومة  والخبراء ووسائل الإعلام الرئيسية بإخفاء أو تجاهل الحد الذي وصل إليه التلوث الإشعاعي عقب الحادث.


ونظرا لأسلوبه  الخشن ، فنادرا ما كان يدعى هيروسي للظهور في وسائل الإعلام الكبرى ، ولكن كانت هناك أعداد متزايدة تبحث عن مقابلاته ومحاضراته على الانترنت.


وفي كتبه ومحاضراته، حث هيروسي مرارا وتكرارا اليابانيين على حماية أطفالهم من الإشعاع ، مثيرا موضوعا نادرا ما ذكره السياسيون وقادة الأعمال.


واتهم هيروسي مسئولين حكوميين وبعض الخبراء بمواصلة التقليل من أهمية المخاطر الصحية للإشعاع على الأطفال والسيدات الحوامل، وهم أكثر الفئات عرضة للخطر.


كما حث على القيام بالمزيد من عمليات إجلاء واسعة النطاق للأطفال عن منطقة فوكوشيما.، وقال هيروسي "إن وزارة التعليم ومن يسمون الخبراء أجبروا الأطفال في فوكوشيما على التعرض للإشعاع". وأضاف "إنه أمر غير مبرر على الإطلاق".