كان أمس الأربعاء يوما حزينا في تاريخ مصر، وفي سجل الرياضة العالمية عندما لقى 73 مشجعا في حصيلة أولية مصرعهم، إضافة إلى مئات المصابين في أحداث شغب شهدتها مباراة الأهلي المصري، والتي أقيمت في بورسعيد.
وقتل أكثر من 70 شخصا ،وأصيب المئات حين اقتحمت أعداد كبيرة من المشجعين أرض استاد المصري في بورسعيد بعد فوز صاحب الأرض 3-1 على الأهلي حامل اللقب في دوري مصر الممتاز لكرة القدم ليقرر اتحاد اللعبة في البلاد إيقاف المسابقة.
أعادت طائرة عسكرية بعثة الأهلي إلى القاهرة في ساعة متأخرة من يوم الأربعاء بعدما نجوا من أسوأ كارثة تتسبب فيها أعمال شغب في ملاعب كرة القدم المصرية.
وتوعد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في ثورة شعبية قبل عام بملاحقة المتسببين كما قال أن إلغاء الدوري هذا الموسم ليس قراره.
وانتقل المستشار عبدالحليم محمود النائب العام مع فريق من النيابة إلى بورسعيد، وناشد النائب العام كل من لديه تسجيلات وصور للواقعة لمساندة التحقيق، وأعلن وزير الداخلية محمد إبراهيم القبض على 40 من مثيري الشغب في المباراة حتى أمس، وأعلن تشكيل لجنة عليا للبحث عن الأسباب الحقيقية والقصور الذي حدث.
وأعلن سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم إيقاف المسابقة لأجل غير مسمى كما علق الأهلي وغريمه التقليدي الزمالك النشاط الرياضي حدادا على الضحايا، وقدم النادي الأهلي بلاغا ضد المحافظ ، ومدير الأمن في بورسعيد، وطالب الأهلي حامل اللقب في المواسم السبعة الماضية النائب العام بالتحقيق فيما حدث.
لكن الحزن البادي على وجوه لاعبي الأهلي لدى الوصول لمطار في شرق القاهرة بعدما أصبحوا شهودا على كارثة هي الأكبر في الملاعب المصرية وتعليقاتهم بأنهم لن يلعبوا مرة أخرى الا بعد القصاص للقتلى لا يرجح امكانية استئناف المسابقة هذا الموسم.
كما توقفت مباراة أخرى بين الزمالك والإسماعيلي في القاهرة بناء على رغبة الفريقين بعد نهاية الشوط الأول حين كانت النتيجة تشير للتعادل 2-2 بينما أظهرت لقطات تلفزيونية اشتعال النيران خلف مدرجات استاد القاهرة.
وقال الناقد الرياضي حسن المستكاوي "لو أننا دولة فعلا لألغي الدوري تماما.. على اتحاد كرة القدم الاستقالة فورا."
وأضاف لرويترز عبر الهاتف "يجب منع اللعب على استاد المصري في بورسعيد لخمس سنوات على الاقل.. هذه ليست المرة الاولى التي يحدث فيها شغب بهذا الملعب خلال الموسم الحالي."
وعوض المصري الذي يدربه حسام حسن مهاجم الاهلي السابق تأحره بهدف ليفوز 3-1 بفضل ثنائية لمؤمن زكريا.
ووصف سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ما حدث بأنه يوم أسود.، وأضاف بلاتر في بيان "شعرت بالصدمة والحزن حين علمت بوفاة عدد كبير من المشجعين في مباراة ببورسعيد.. أتضامن مع عائلات الضحايا هذا المساء. هذا يوم أسود لكرة القدم. لا يمكن تخيل مثل هذا الموقف الكارثي ولا يجب أن يحدث مرة أخرى."
كما أدان الاتحاد الأفريقي لكرة القدم الأحداث وقال أن رئيسه الكاميروني عيسى حياتو يتابعها بقلق بالغ.
وغزت أعداد كبيرة من المشجعين أرض الاستاد في بورسعيد بعد نهاية المباراة، وحاولوا الاعتداء على لاعبي الأهلي وجهازه الفني وطاردوهم وهم في طريقهم نحو غرف خلع الملابس.
ووصف محمد أبو تريكة صانع لعب الأهلي ما حدث في المباراة بأنه "حرب وليست كرة القدم" وقال انه لقن بنفسه الشهادة لأحد مشجعي الأهلي، وأعلن عدد من نجوم الأهلي عدم مشاركتهم في مباريات الدوري، ومنهم عماد متعب، ومحمد أبوتركة، وحسام غالي، وأظهرت لقطات تلفزيونية مشجعين وهم يعتدون على سيد عبد الحفيظ مدير الكرة في الأهلي.
وقال النادي بموقعه على الانترنت أن لاعبيه شريف اكرامي، وشهاب الدين أحمد، وشريف عبد الفضيل عانوا من إصابات مختلفة في هذه الأحداث.
وقال محمد أبو تريكة نجم الأهلي ومنتخب مصر بانفعال شديد وهو يتحدث لقناة الاهلي التلفزيونية "هذه ليست كرة قدم. هذه حرب، والناس تموت أمامنا. لقد لقنت الشهادة لأحد مشجعي الأهلي قبل قليل.
وذكر بعض شهود العيان أن الدافع وراء الواقعة لافتة من القماش علقها أحد مشجعي الأهلي عليه عبارة "بلد الباله ماجابتش رجاله"، مما أثار حفيظة بعض من جمهور المصري البورسعيدي. فحدثت المذبحة، ولكن في المقابل استبعد البعض أن يكون ذلك السبب، لأن مثل هذه اللافتات عادة ما تظهر في المباريات من الطرفين إضافة إلى عبارات السب التي تحدث عادة في مثل هذه الأحوال.
وتوجهت أصابع الاتهام إلى الأمن والمجلس العسكري، مؤكدين أن ماحدث لم يكن مجرد شغب رياضي، ولكنه أمر مدبر، واعتبروا ذلك حلقة من حلقات الانفلات الأمنى المدبر، ورأى البعض أن الشرطة تعاقب الشعب على ثورة 25 يناير التي كانت موجهة أساسا ضد الشرطة والقبضة الأمنية الظالمة.
وأكد شهود أن الأمن تقاعس عن إيقاف المعتدين، وذهب البعض إلى أن الأمن كان هو المحرك والمدبر لهذه الجريمة، واتهمت حركة 6 إبريل صراحة الأمن بتدبير الجريمة، وذهب البعض الآخر أن ذلك أحد مراحل مخطط إسقاط الدولة والجيش الذي تنفذه الثورة المضادة.
واحتشد آلاف في محطة مصر في الثالثة قبل فجر اليوم في محطة مصر لاستقبال الضحايا والمصابين، وهتف المستقبلون بسقوط العسكر.
وربط البعض بين واقعة الشغب التي حدثت في بورسعيد، وحوادث السطو المتكررة والتي تركزت في ثلاثة أيام، ومنها السطو على مصر، ومكتب بريد، وعربة نقل أموال، واعتبروا ذلك كله مخططا مدبرا لإشاعة الفوضى، وإعاقة التحول الديمقراطي في مصر.
وأكد بعض شهود العيان حدوث وقائع قتل متعمدة لبعض المشجعين من جمهور الأهلي، وتردد أن بعضهم تم إسقاطه من على الاستاد من ارتفاع 5 طوابق، وأن البعض قضى اختناقا أو طعنا بأسلحة بيضاء، وذكرت مصادر صحية أن بعض الضحايا تعرضوا للطعن، وكان من الإصابات نزيف داخلي، وكسر في قاع الجمحمة، ونفت المصادر الصحية وجود وفيات بسبب طلقات نارية كما ردد البعض.
وذكر شاهد عيان أن المسؤولون عن الاستاد قاموا بتفتيش جمهور الأهلي قبل الدخول، بينما لم يفتشوا جماهير المصري، وأكد البعض وجود أسلحة بيضاء وشماريخ في مدرجات الفريق المصري أمام أجهزة الأمن.
ويجتمع مجلس الشعب المصري اليوم في جلسة طارئة لمناقشة الواقعة، ويتوقع أن يتخذ قرارات صارمة لمواجهة الانفلات الأمني وشغب الملاعب، ونشرت تقارير صحفية خبر إقالة المحافظ ومدير الأمن في بورسعيد، كما أعلن رئيس النادي المصري كامل أبوعلي استقالته، كما أعلن استقالته مدرب النادي حسام حسن.
وسخر البعض من بيانات الحكومة التي تتحدث عن عودة الأمن إلى الشارع المصري، وفي المقابل يدافع البعض الآخر عن الأمن ويؤكد أن الانفلات الأمنى الكبير الذي حدث عقب ثورة يناير هو السبب، وأن إعادة الأمن تحتاج إلى وقت.
وأظهرت الواقعة فشلا إداريا وأمنيا واضحا، فرغم تكرر مثل هذه الأحداث واقتحام المشجعين للملاعب، خاصة بعد الثورة، لم يبادر المختصين ببحث المشكلة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين الملاعب وفق نظم التأمين الحديثة.
وقال المشير طنطاوي أنه أمر بإجراء تحقيق في "هذا الموضوع المؤسف"، وأكد أن "الشغب يحدث في دول عدة في العالم"، مؤكدا أن "مصر ستمضي في طريقها، وأن مثل هذه الحادثة لن تنجح في إسقاط في مصر، وأن المجرمين سيلاقون جزاءهم".