أزمة متحف كفر الشيخ أمام مجلس النواب

القاهرة : خاص .

قدم مدير متحف كفر الشيخ أحمد علي منصور تقريرا شاملا إلى وزير الآثار الجديد الدكتور خالد عناني، ومجلس النواب، كشف فيه عن الموقف التنفيذي لمتحف  كفر الشيخ "تحت الإنشاء" وكافة المعوقات والمشكلات التي يواجهها المتحف والعاملون به، ومحاولة تصفيته من قبل الوزير السابق الدكتور ممدوح الدماطي، ومديرة قطاع المتاحف إلهام صلاح الدين، وهو ما يمثل إهدارا للمال العام.

وقال منصور في تقرير الذي حصلت "الصحافة" على نسخة منه : أنه "في إطار جهود وزارة الدولة لشئون الآثار، قامت الوزارة (المجلس الأعلى للآثار سابقًا) بإنشاء متحف كفر الشيخ، ومقره حديقة صنعاء بمدينة كفر الشيخ، وذلك ضمن خطتها القومية لإنشاء عدد من المتاحف الإقليمية بمحافظات مصر المختلفة في الوجهين البحري والقبلي، لنشر الوعي الأثري، وجاء إنشاء هذا المتحف نتاج التعاون البنَّاء بين المجلس الأعلى للآثار (قطاع المتاحف)، ومحافظة كفر الشيخ، وتَمثَّل ذلك التعاون في صدور عدد من القرارات بتخصيص قطعة أرض من حديقة صنعاء بكفر الشيخ، حيث أصدر السيد محافظ كفر الشيخ القرار رقم 794 لسنة 1992م، بتخصيص قطعة أرض مساحتها (5000) خمسة آلاف متر مربع بأرض حديقة صنعاء بمدينة كفر الشيخ لإقامة المتحف عليه. كما صدر أيضًا قرار السيد المحافظ  رقم 678 لسنة 2002م بتخصيص قطعة أرض بمساحة (1760) ألف وسبعمائة وستين مترًا مربعًا من أرض حديقة صنعاء لاستخدامها كمدخل للمتحف، وتم استلامها بتاريخ 9/4/2003م"

واضاف أن "المجلس الأعلى للآثار بطرح مسابقة معمارية بين المكاتب الاستشارية لاختيار أفضل التصميمات المعمارية للمتحف الجديد، وفاز بالمسابقة المكتب العربي للتصميمات والاستشارات الهندسية، وذلك عام 1994م. كما تم إسناد مشروع المتحف للمكتب الهندسي للمقاولات. وفي نفس الوقت تم البدء في عمل سيناريو العرض المتحفي المبدئي لتحديد فلسفة العرض المتحفي، تمهيدًا لمرحلة تحقيق سيناويو العرض المتحفي، لتحديد القطع الأثرية المرشحة للعرض وفقًا للسيناريو المقترح، اعتمادًا على نتاج الاكتشافات الأثرية بمواقع كفر الشيخ والدلتا، وتم تسليم موقع المشروع خاليًا من الموانع إلى الشركة المنفذة بتاريخ 21/6/2000م، حيث بدأ العمل على الفور في تنفيذ الأعمال الإنشائية المختلفة من الأساسات والإنشاءات الخرسانية، كما تم إنشاء مباني المتحف بالكامل، وذلك قبل البدء في أعمال التشطيبات النهائية".

وأوضح منصور أن "أعمال استكمال المشروع قبل الدخول في مرحلة التشطيبات لعدة سنوات نظرًا لنقص التمويل، وتوسع المجلس الأعلى للآثار في إنشاء عدد من المتاحف الإقليمية في عدد من المحافظات، وخلال توقف المشروع إستغلت محافظة كفر الشيخ مبنى المتحف الواقع في أرض حديقة صنعاء التابعة للمحافظة، لإقامة نشاط خدمي يدر دخلاً ماديًا يسهم في تطوير الحديقة، بإقامة حفلات الأفراح بالقاعة، دون أي دخل للمجلس الأعلى للآثار بهذا الشأن، وحاول مديري متحف كفر الشيخ المتعاقبين إيقاف هذا النشاط الذي لا علاقة للمجلس الأعلى للآثار به، غير أن المحافظة أصرت على استغلاله بصفة مؤقتة حتى يتم البدء في استكمال المشروع، ولكن محافظ كفر الشيخ الأسبق أوقف هذا النشاط  بعد عدة مخاطبات من المجلس الأعلى للآثار، وتم تسليمه لإدارة المتحف للبدء في استكمال المشروع، وذلك عام 2010م"

وأبان أن "مشروع استكمال الأعمال بمتحف كفر الشيخ أدرج ضمن مشروعات المجلس الأعلى للآثار في عام 2010م، واعتماد المخصصات المالية للتنفيذ، وتم تسليم الموقع إلى الشركة المنفذة للمشروع (مجلس الدفاع الوطني)، وأبدى اللواء المهندس أحمد عابدين، محافظ كفر الشيخ الأسبق الاستعداد لتخصيص قطعة أرض أخرى بمساحة حوالي خمسة آلاف متر مربع لضمها إلى بانوراما الموقع، وتم صياغة مشروع بروتوكول مقترح بهذا الشأن، عرضه مدير متحف كفر الشيخ على رئاسة قطاع المتاحف، لاتخاذ اللازم نحو صياغته النهائية لتفعيله، للبدء في اتخاذ الإجراءات التنفيذية له، وكان ذلك قبيل تطور أحداث 25 يناير 2011م، حيث تغيرت الظروف والأجواء، ولم يتم اتخاذ إي إجراء بشأن هذا البروتوكول المقترح، وتوقف كل شيء".

وأوضح مدير متحف كفر الشيخ أن "الأعمال التنفيذية لاستكمال المشروع بدأت في أبريل 2010 حيث قام قطاع المشروعات بالاشتراك مع المكتب الاستشاري، والشركة المنفذة، وبالتشاور مع قطاع المتاحف، بمراجعة كافة التصميمات الهندسية السابقة، وما دخل عليها من تعديلات وتطوير، وتم تنفيذ الكثير من هذه التعديلات على الطبيعة بالموقع، وإنشاء العديد من الإضافات، وتهيئة الكتلة المعمارية للمتحف للبدء في عملية التشطيبات".
وتابع قائلا "في هذه الأثناء، قامت أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011م، وما صاحبها من أعمال عنف، واختلال الحالة الأمنية بالبلاد، وتعرض بعض المتاحف والمواقع الأثرية لمحاولات السطو، ومنها بعض المواقع في كفر الشيخ والمحافظات، فعينت الشركة المسئولة عن المشروع أفراد حراسة على موقع المبنى لحمايته على مدار الساعة، والشركة مسئولة بالكامل عن تأمين وحراسة الموقع، وبسبب المرحلة الانتقالية السياسية، تأثرت الطاقة التمويلية لوزارة الدولة للآثار، ما أدى إلى التوقف الإجباري لعدد من المشروعات الإنشائية والتطويرية بالأقاليم، وخاصة المتاحف الإقليمية، وتوقفت أعمال استكمال متحف كفر الشيخ، وذلك بصفة مؤقتة، لحين استقرار الأوضاع".

وحول العاملين في المتحف قال منصور أن "قطاع المتاحف قام بتعيين مدير للمتحف، وذلك لإدارة كافة الشئون الأثرية والمتحفية المصاحبة لعملية الإنشاء، ومتابعة الملف الأثري للمتحف، والتواجد الدائم بالموقع للتنسيق مع قطاع المتاحف، والقيام بأية تكليفات بهذا الشأن، بالإضافة إلى تحقيق سيناريو العرض، وبحث تعديلاته، والتنسيق لتكوين الهيكل الإداري والتنظيمي، واستلام الآثار المرشحة للعرض، ونقلها وتخزينها تنفيذًا للقرارات الخاصة بذلك، وأثناء فترة تواصل استكمال المشروع، وقرب الانتهاء منه (قبل الثورة)، فقد تم السماح بقبول عدد محدود من الأثريين الجدد، لإنشاء نواة لبنية الهيكل الإداري والفني للموارد البشرية، من العناصر المتميزة من شباب الأثريين، بالإضافة إلى ما قبلته إدارة المتحف من المعينين الجدد من أوائل الخريجين طبقًا لسياسة الدولة، وبقرارات مباشرة من مجلس الوزراء، والتنفيذ والتسليم من خلال الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وكافة الإدارات المختصة".


وأبان منصور أن "الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار زار المتحف عام 2015 لبحث سبل استكمال المشروع، أو إتاحة استغلاله من قبل محافظة كفر الشيخ واقتسام العوائد بين المحافظة والوزارة، ووعد الوزير في الزيارة بدراسة مشكلات استكمال المشروع، والعمل على تدبير موارد التمويل في القريب العاجل".


وأضاف مدير التحف أنه "بعد أسابيع قليلة من زيارة وزير الآثار، تسلمت إدارة المتحف، خطابًا رسميًا من قطاع المتاحف بوزارة الآثار، مختومًا بخاتم إلهام صلاح الدين، رئيس قطاع المتاحف، هو عبارة عن بروتوكول تعاون بين وزارة الآثار ومحافظة كفر الشيخ، يسمح بتنازل وزارة الآثار عن مدخل متحف كفر الشيخ (المخصص)، لإقامة محلات تجارية، ودون أجل مسمى، بحجة اقتسام عوائد المحلات بين الوزارة والمحافظة، واشتمل البروتوكول المشار إليه على بنود لا علاقة لها بقوانين الدولة، ما يجعل هذا البروتوكول بمثابة قضاء تام على مشروع المتحف حاليًا ومستقبلاً، ويتيح الفرصة لإهدار المال العام، بعد إنفاق عشرات الملايين عبر سنوات كثيرة من العمل في المشروع، وبدون أي سند قانوني".


وقال منصور أن " إدارة متحف كفر الشيخ، والعاملين به تصدوا بمفردهم، ودون أي مساعدة من وزارة الآثار، لمنع كافة التعديات السابقة والكارثية على منشآت المتحف، وأرضه، وحرمه المتاخم، للحفاظ على الأمانة التي وُكِّلوا بها في عملهم، لذلك تم تدبير التخلص منهم جميعًا بطردهم من العمل بالمتحف، وتشريهم جميعًا في مناطق الآثار ومواقعها بمنطقة آثار وسط الدلتا التي تشمل ثلاث محافظات، لكن يتسنَّى لهم استكمال تنفيذ مخطط القضاء على المشروع تمامًا، وفي إطار ذلك قامت إلهام صلاح الدين، رئيس قطاع المتاحف، بكتابة مذكرة تشتمل على عرض غير أمين على السيد الدكتور وزير الآثار، بطلب النقل العددي لجميع العاملين بالمتحف باعتبارهم عمالة مكدسة بلا عمل حقيقي، ونقلهم جميعًا لقطاع آخر غير قطاع المتاحف، وهو قطاع الآثار المصرية، فوافق الوزير، فاضطر العاملون بالمتحف لعمل وقفة احتجاجية محدودة بموقع المتحف، يوم الخميس 17 مارس 2016م، وبعد أخذ الموافقات الأمنية اللازمة، وذلك للتعبير عن رأيهم ومشكلتهم قانونًا، وعندما تظلم العاملون رسميا من قرار نقلهم عاقبهم الوزير السابق بخصم 50 % من مستحقاتهم".

وطالب التقرير وزير الآثار الجديد الدكتور خالد العناني بإعادة دراسة ملف متحف كفر الشيخ ، ووقف محاولات تصفيته وتشريد موظفيه، واتخاذ الإجراءات الازمة لتكملة هذا المشروع الذي أنفقت عليه الدولة ملايين الجنيهات.