وصل النزاع بين المستثمر المصري نجيب ساويرس والحكومة الجزائرية نقطة اللاعودة يعد سنوات من محاولة التوفيق بينهما، حيث أعلن نجيب ساويرس، رئيس مجلس إدارة "ويذر إنفيستمنتس 2"، عن لجوئه للتحكيم الدولي مطالبا جمهورية الجزائر بتعويض قدره 5 مليارات دولار أميركي، كتعويض عن الأضرار في حصة "ويذر انفيستمنتس" في أوراسكوم تليكوم الجزائرية (المعروفة باسم "جازي")، وقد تم تسجيل الدعوى لدى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (ICSID).
وفي بيان أشارت "ويذر انفيستمنتس" بأن الإدعاء ناتج عن إخلال الجزائر في مناسبات عديدة بالتزاماتها القانونية الدولية تجاهها وذلك بموجب معاهدة الاستثمار بين الجزائر والاتحاد الاقتصادي لبلجيكا - لوكسمبورغ (المعاهدة).
وقال رئيس مجلس إدارة "ويذر إنفيستمنتس نجيب ساويرس، "فازت فازت "أوراسكوم تليكوم القابضة" في العام 2001 بمناقصة تنافسية لبناء البنية التحتية للاتصالات في الجزائر، واستثمرت الشركة لهذا الغرض مبلغ 3 مليارات دولار أميركي مما خلق 4 آلاف فرصة عمل جديدة، إضافة إلى ارتفاع مستوى استخدام الهاتف المتحرك بنسبة بلغت 52% في غضون سبع سنوات فقط".
وأضاف، "التزمت الحكومة الجزائرية باتخاذ عدد من اجراءات الحماية، بما في ذلك وعدها لنا بالامتناع عن التدخل التعسفي في عملياتنا، ولكننا شهدنا منذ العام 2008 اتباع الحكومة الجزائرية حملة للتدخل والمضايقة والتي كلفت "ويذر انفيستمنتس" ما يزيد عن 5 مليارات دولار من الأضرار. ولا ينعكس هذا التطور بشكل سلبي على عملياتنا فقط، بل يؤثر كذلك على جميع المستثمرين الأجانب في الجزائر. إن النظام الجزائري هو بمثابة استثناء صارخ لهذه المنطقة التي تشكل على وجه العموم بيئة عمل بدأت تستقطب دخول المستثمرين العالميين لتحقيق التنمية الاقتصادية وتنفيذ إصلاحات جذابة لمجتمع الأعمال الدولي".
وتشكل هذه الانتهاكات جزء من حملة واضحة من قبل الحكومة الجزائرية ضد "جازي" ومالكيها، والتي توّجت مؤخراً في محاولة "البيع الإجباري" لكامل أو جزء من "جازي" للدولة الجزائرية.
وأشار ساويرس إلى أن إخلالات الجزائر الأخرى للمعاهدة، اشتملت على سبيل المثال، فرض ضرائب غير مبررة تبلغ قيمتها أكثر من 950 مليون دولار أمريكي على "جازي" استناداً إلى إعادة تقييم وغرامات ضريبية غير مبررة للسنوات من 2004 وحتى 2009. ووقف مدفوعات أرباح "جازي" إلى مساهميها الأجانب؛ بما في ذلك "ويذر انفيستمنتس".
وكذلك عدم حماية جازي خلال أعمال شغب خاصة بكرة القدم وأعمال العنف ضد مباني "جازي" في نوفمبر 2009، وفرض تعليمات من قبل بنك الجزائر في 15 أبريل 2010 (الذي لا يزال ساري المفعول حتى اليوم)، والذي تم فيه تقييد جميع البنوك الجزائرية عن القيام بأي معاملات مصرفية دولية نيابة عن "جازي".
كما فرضت الحكومة الجزائرية وفقاً لساويرس، حصار جمركي على "جازي"، يمنعها من استيراد السلع والمعدات الضرورية للصيانة والحفاظ على شبكة الاتصالات. بالإضافة إلى إغلاق شبكات "ميدكيبل" و"في سات" بزعم أنها تتعلق بالأمن القومي.
وأكد ساويرس أن الحكومة الجزائرية أسهمت في إحباط عملية بيع "أوراسكوم تيلكوم القابضة" لمجموعة "MTN" في عام 2010. وقامت بفرض غرامة مؤخراً بقيمة 1.3 مليار دولار أمريكي على "جازي" نتيجة لمزاعم لا أساس لها بأنها خرقت قوانين التبادل الأجنبي الجزائرية، إلى جانب التهديد بفرض غرامات ضخمة أخرى على "جازي" في المستقبل.
وأشار إلى مضايقات أخرى في شكل الشروع في عدد من التحقيقات الجنائية التي لا أساس لها ضد موظفي "جازي" و"أوراسكوم تيلكوم القابضة"، والأحكام الجنائية غير المناسبة وغير القانونية بالحبس لمسؤول تنفيذي كبير في أوراسكوم تيلكوم الجزائر (OTA) والتي تم اسقاطها في وقت لاحق من قبل إحدى محاكم الاستئناف الجزائرية.
وأكد ساويرس أن إخلالات الجزائر بالمعاهدة، منفردة ومجتمعة، تسببت في إلحاق أضرار كبيرة في حصة "ويذر انفيستمنتس" في "جازي" إلى جانب عدد آخر من الأضرار. وتعد الجزائر المسؤولة عن الإخلال بالمعاهدة والخسائر في شركة "ويذر انفيستمنتس"، بموجب المعاهدة وبموجب القانون الدولي.
ولقد أخطرت شركة "ويذر انفيستمنتس" الجزائر حول وجود هذا النزاع قبل ستة أشهر، وحاولت دون جدوى الدخول في مفاوضات جدية وودية مع الجزائر خلال الفترة الفاصلة. وتعرب شركة "ويذر انفيستمنتس" عن أسفها بأنه ونظراً لغياب التسوية فإن الشركة لم يعد لديها أي خيار سوى أن تبدأ إجراءات التحكيم من أجل فرض حقوقها بموجب المعاهدة وبموجب القانون الدولي.
وقد بدأ التحكيم تحت رعاية "المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار" (ICSID) وهو فرع تسوية المنازعات التابع للبنك الدولي، والتي يقع مقره الرئيسي في العاصمة الأميركية واشنطن.
وشركة "ويذر انفيستمنتس" على دراية بأن المساهمين الآخرين في "جازي" يتابعون أيضا دعاوى تحكيم دولي ضد الجزائر في إطار معاهدات استثمار أخرى.