أخر خبر |
قالت النيابة العامة المصرية اليوم الأربعاء في مرافعتها في القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك بقتل متظاهرين واستغلال النفوذ إن أجهزة الدولة لم تتعاون في التحقيقات لكن ما انطوت عليه أوراق الدعوى من أدلة يكفي لإدانة الرئيس السابق والمتهمين معه.
وذكرت النيابة أمام محكمة جنايات القاهرة أن من بين الأجهزة التي لم تتعاون في التحقيقات وزارة الداخلية وهيئة الأمن القومي في إشارة إلى المخابرات العامة.
وبدأت النيابة العامة مرافعتها أمس الثلاثاء مدعية على مبارك أنه أقام نظاما فاسدا يحمي مصالحه الشخصية ومصالح أسرته ومن قالت إنهم بطانته وأنه سعى لتوريث الحكم لابنه جمال الذي يحاكم معه بتهمة استغلال النفوذ.
ويحاكم مع مبارك بتهم تتصل بقتل المتظاهرين وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار ضباط الشرطة السابقين.
ويحاكم معه بتهم تتصل باستغلال النفوذ ابنه الأكبر علاء وصديقه المقرب رجل الأعمال البارز حسين سالم المحتجز في اسبانيا منذ شهور على ذمة قضية غسل أموال هناك.
وقتل في الانتفاضة التي اندلعت يوم 25 يناير كانون الثاني الماضي وأطاحت بمبارك بعد 18 يوما نحو 850 متظاهرا وأصيب أكثر من ستة آلاف.
وقال ممثل النيابة المستشار مصطفى سليمان المحامي العام الأول لنيابات استئناف القاهرة في ثاني يوم من مرافعة النيابة العامة إنه وزملاءه قاموا بجمع الأدلة إلى جانب تحقيق القضية حين قصرت أجهزة الدولة في موافاتهم بالمعلومات والتحريات.
وسألت المحكمة: هل تقدمت النيابة العامة بطلبات للجهات المسؤولة في الدولة لتقديم تحريات واستدلالات وقرائن تعين النيابة على القيام بدورها؟
وأجاب سليمان "طلبنا من وزارة الداخلية تحريات في عهد وزير الداخلية اللاحق (للعادلي) كما طلبنا من هيئة الأمن القومي بخطاب مرفق في الدعوى أن تقدم للنيابة ما توافر لديها من معلومات وتحريات."
وأضاف "وصل إلينا خطاب بعد قرابة أسبوع وقالت هيئة الأمن القومي إنها غير متوافر لديها معلومات أو تحريات."
وسألت المحكمة: نفهم من ذلك أن جميع أجهزة الدولة امتنعت عن تقديم مساعدات فهل امتنعت عمدا وتقصيرا أم لم يكن لديها معلومات فعلا؟
أجاب ممثل النيابة "رأيي الشخصي أنه كان هناك تقصير. أما رأيي القانوني فهو لا بد من إجراء تحقيق."
ويقول نشطاء إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي آلت إليه إدارة شؤون البلاد بعد إقصاء مبارك يوم 11 فبراير شباط يعد امتدادا لمبارك ويسعى لتبرئته. وكان مبارك رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل تنحيه وعمل معه لعشرين عاما رئيس المجلس حاليا المشير محمد حسين طنطاوي في منصب وزير الدفاع.
ويقول محللون إن المجلس العسكري ربما لا يريد إذلال مبارك.
وقال سليمان "يكفي للنيابة العامة أن يكون لديها عدد كاف من الأدلة لإحالة المتهمين للمحاكمة وقد يكون هذا الحد 50 في المئة."
وأضاف أن النيابة العامة حين أحالت المتهمين للمحاكمة كان لديها "عدد من الأدلة والقرائن والاستنتاجات المنطقية."
وتابع أن النيابة العامة أحالت المتهمين للمحاكمة "حرصا منها على تعقب المتهمين قبل الهروب وقبل اتخاذ مزيد من الإجراءات لضياع (طمس) الأدلة."
وكانت المحكمة خصصت للنيابة العامة أمس واليوم وغدا لمرافعتها.
وقال سليمان إن النيابة العامة توصلت إلى اشتراك المتهمين في قتل المتظاهرين الذين تشملهم القضية والشروع في قتل آخرين.
وأضاف "التكييف القانوني للقضية هو الاشتراك لأن النيابة العامة لم تتوصل إلى دليل مباشر إلى الفاعلين الأصليين في القضية... خلصت تحقيقاتنا إلى أن الجرائم صدرت من الفاعلين (الأصليين) بصفاتهم (كضباط ومجندي شرطة) ولم نتوصل إلى تحديد أشخاصهم.
وتابع "هؤلاء المتهمون (الماثلون أمام المحكمة) لم يكن لهم دور في مسرح الجريمة."
ومنذ بدء التحقيقات في القضية يتساءل مصريون عن السبب في أن الحكومة لم تقدم متهمين كفاعلين أصليين رغم أن سجلاتها تحدد أسماء الضباط والمجندين الذين كانوا منتشرين في الميادين والشوارع التي قتل فيها المتظاهرون.
ويقول مراقبون إن المجلس العسكري وافق على إحالة مبارك ووزير الداخلية وكبار ضباط الشرطة للمحاكمة تحت ضغط مظاهرات حاشدة بدأ تنظيمها بعد إسقاط مبارك.
وقال سليمان إن من أشكال الاشتراك "مساعدة الفاعل الأصلي على ارتكاب جريمته عن طريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة."
وأضاف "الفاعلون الأصليون زودوا بالأسلحة النارية (رصاص حي ورصاص مطاطي وطلقات خرطوش) لقتل بعض المتظاهرين لتخويف الباقين... هناك علاقة سببية بين إعطاء المتهين (الماثلين) أوامر لهؤلاء الضباط والقيام بأعمال عنف ضد متظاهرين سلميين."
وتقول النيابة العامة إن من بين الوسائل التي استخدمت في محاولة فض المظاهرات قنابل الغاز المسيل للدموع والدهس بالسيارات.
وقال المستشار مصطفى خاطر وهو ممثل آخر للنيابة إن الشاهد حسين سعيد موسى مدير إدارة الاتصالات بالأمن المركزي قال إنه طرق سمعه أوامر محددة وصريحة من مساعد الوزير لقطاع الأمن المركزي (المتهم أحمد رمزي) إلى مدير الأمن المركزي بالقاهرة بتزويد قوات الأمن بالأسلحة الآلية والخرطوش.
وأضاف "في القضية أكثر من ألفي شاهد أكدوا استخدام الرصاص لقتل وإصابة المتظاهرين ولولا ضيق الوقت لذكرتهم شاهدا شاهدا... بعض الأطباء الذين قاموا بمناظرة الجثث والكشف على المصابين قالوا إنهم تعرضوا لإطلاق نار حي وخرطوش في مواضع قاتلة."
وعرض ممثلو النيابة مقاطع من شرائط فيديو يظهر بها إطلاق النار من سيارات الشرطة المدرعة على المتظاهرين وقنصهم من فوق أسطح مباني وزارة الداخلية ودهسهم بسيارات في الشوارع.
وقال أحد ممثلي النيابة "السيارات المدرعة كانت تصطاد المتظاهرين كالطيور." وأضاف أن ضابط شرطة شهد بأن "أحد ضباط المباحث في أحد أقسام شرطة القاهرة استعان بعدد من البلطجية لرشق المتظاهرين بالحجارة حتى يقوم المتظاهرون بالرد عن أنفسهم - ليس اعتداء وظلما وإنما دفاعا عن النفس - حتى يظهر أن المظاهرات بها شغب ويعطون مبررا لفض المظاهرات بالقوة."
وبدأت محاكمة مبارك وابنيه ورجل الأعمال حسين سالم في الثاني من أغسطس آب بينما بدأت محاكمة العادلي وضباط الشرطة الآخرين في وقت سابق وأحيلت قضيتهم إلى الدائرة التي تنظر قضية مبارك لوحدة الموضوع.
وإلى اليوم لم يعاقب أي مسؤول في قضايا قتل المتظاهرين. وينكر مبارك والمتهمون الآخرون التهمة.
وتنظر محاكم الجنايات في عدد من المحافظات قضايا مماثلة.
وطلبت النيابة العامة من المحكمة التأجيل لجلسة غد الخميس لاستكمال المرافعة في جرائم القتل وبدء المرافعة في جرائم المال العام، ووافقت المحكمة على الطلب.
لا توجد تعليقات مضافة