يعكس قرار مصر برد وديعة قطرية قيمتها ملياري دولار حجم الأزمة التي تعاني منها العلاقات المصرية القطرية . وهي المشكلة التي ظلت لفترة مسيطرة على الشارع، والإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي. ولم تمتد إلى السياسة، وقد بدأت المشكلة عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ التي تم عقبها خلع مرشح الإخوان الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي الذي كان يحظى بدعم خاص من قطر. وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت الخميس، عن سداد ملياري دولار إلى نظيرتها القطرية، كانت الدوحة قد أودعتها لدى البنك المركزي المصري في وقت سابق كـ"وديعة قصيرة الأجل." وجاء الإعلان عن قيام مصر رد الوديعة القطرية بعد فشل المفاوضات بين القاهرة والدوحة لتحويل الوديعة إلى سندات لأجل ثلاث سنوات، بحسب محافظ البنك المركزي المصري، هشام رامز. وأكد رامز، في تصريحات أوردتها شبكة تلفزيون "النيل" الرسمية، أن الحكومة القطرية قامت بإخطار البنك المركزي المصري بتأجيل تحويل المبلغ إلى سندات، كما أجرت بعض التعديلات على الاتفاقية التي وقعتها مع مصر. وكانت الدولة الخليجية قد قدمت للحكومة المصرية مبلغ ثلاثة مليارات دولار، في مايو الماضي، منها مليار دولار في صورة سندات لأجل ثلاث سنوات، إلا أن القاهرة طلبت مؤخراً تحويل باقي المبلغ إلى سندات. وأعلنت القاهرة، في وقت سابق من سبتمبر الجاري، أنه تم التوصل إلى اتفاق مع الدوحة، يتم بمقتضاه تحويل الملياري دولار إلى سندات، بعد أن لوحت الحكومة المصرية برد الوديعة القطرية. وفي المقابل أعلن مصدر مسؤول في وزارة المالية القطرية احترام قرار الحكومة المصرية رد الوديعة، وأوضح المصدر نفسه بأنه وخلال الأسبوعين الماضيين عقدت عدة اجتماعات في الدوحة بين الجانبين المصري والقطري لتحويل مبلغ الوديعة إلى سندات. وأشار المصدر القطري المسؤول إلى أن الفريق المصري وافق بداية على عرض الفريق القطري تحويل الوديعة على أربع دفعات متساوية في سندات بقيمة خمسمائة مليون دولار على أن يتم سداد الدفعة الأولى فوراً، لكنه وفق المصدر نفسه عاد الجانب المصري وتراجع، وأصر أن يتم تحويل هذه الوديعة إلى سندات على دفعة واحدة. وعرض الفريق القطري المفاوض فيما بعد أن يتم تسديد الوديعة على دفعتين متساويتين خلال شهر واحد، لكن الفريق المصري أصر أن تحول الوديعة دفعة واحدة وإلا فعلى الجانب القطري سحبها. وبغض النظر عن السبب وراء قرار مصر رد الوديعة، فإن القرار يعكس التدهور السريع في العلاقات ، خاصة وأن هذا القرار جاء بعد حكم قضائي بوقف بث قنلة "الجزيرة" في مصر، وقرار تالي برفض طلب قطري بزيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين. ويبدو أن الحكومة المصرية وجدت نفسها مجبرة على تلبية مطالب مواطنيها باتخاذ قرارات عقابية ضد قطر التي يرى فيها الكثير أنها الداعم الرئيسي لتنظيم الأخوان، وبسبب وصفها ثورة ٣٠ يونية بالإنقلاب، .. ليس ذلك فقط، ولكن تدير مؤامرة دولية ضد القاهرة، تستخدم فيها قناة "الجزيرة" كأداة. وحظى القرار برد المعونة بتأييد واسع في الشارع المصري، الذي وجد فيه بداية لاسترداد القرار الوطني، والوقوف أمام مؤامرات الدولة الخليجية الصغيرة.