صغيرات في السن .. مراهقات يرتدين ملابس ضيقة، وجوههن ممتلئة بالماكياج الصارخ، يتحركن في أزقة قذرة، بضحكات مثيرة للرجال الذين يجوبون منطقة "تنجيل" المشهورة بالضوء الأحمر، وسهر النساء إلى أوقات متأخرة من الليل في ممارسة الدعارة. أحياء فقيرة في كاندابارا وهي بلدة تبعد مسافة بضع ساعات بالسيارة عن دكا عاصمة بنجلاديش. المنطقة عبارة عن متاهات من الممرات الصغيرة، على جانبيها أكواخ من الصفيح. ونظرا لأسعار ممارسة الجنس المنخفضة، والتي لا تتعدى 50 تاكا "50 سنت أميركي" فإن هناك عدد أكبر من الزبائن، وهذا يزيد بشكل خطير من تعاطي المنشطات بين زبائن تجارة الجنس من المراهقين لتعزيز مظهرهم. تقول حاشي لمحرر وكالة رويترز "18 عاما" هناك فرق كبير بين مظهري الآن، وما كنت عليه في السابق، فقد كنت أعاني في طفولتي من سوء التغذية، ودخلت تجارة الجنس وأنا في العاشرة من عمري عن طريق مهرب، باعني لبيت دعارة في "كاندابارا" وبدأت أتعاطى المنشطات، فأصبحت أكثر صحة وامتلاءا من ذي قبل، وأصلح لخدمة الكثير من العملاء في اليوم، وأصبحت أمارس الجنس مع 15 رجلا في المتوسط يوميا". تضع "حاشي" نقطة سوداء واضحة بين حاجبيها كما تفعل السيدات الهندوسيات، وتجلس في غرفتها الصغيرة، مع سرير متواضع، وموقع للطبخ، وعلى الحائط صور لبعض نجوم بوليوود. "حاشي" واحدة من 900 سيدة تعملن في تجارة الجنس، وبعضهن لا يتجاوز عمره 12 عاما، يعيشن حياة مؤلمة ويعانين من الاستغلال الجنسي في "كاندابارا"، ليس ذلك فقط، ولكنهن مكبلات بالديون، وخائفات من وصمة العار. حاشي وزميلاتها في المهنة مضطرات لتعاطي عقار "الأورادكسون" الذي يستخدمه المزارعون في تسمين المواشي، وهن يستخدمنه لأنه يساعد على امتلاء الجسد وتحسين المظهر حتى يصبحن أكثر جاذبية للزبائن، ولكن لهذا العقار يعالج أساسا الالتهاب والحساسية في البشر، وله آثار جانبية خطيرة عند الافراط في استحدامه. ٩٠ % من العاملات في تجارة الجنس يتناولن هذا الدواء، وخصوصا في البلاد الفقيرة في آسيا. حيث تجبر السيدات اللائي يدرن بيوت الدعارة الفتيات على تناول هذه الأدوية لأنها تزيد الشهية، وتساعد على اكتساب الوزن بسرعة، وهذا يعطي مظهرا مثيرا للفتيات اللائي يعانين أصلا من سوء التغذية. كما تمنحهن هذه الأدوية مظهر الفتيات الكبيرات في السن، ويزيد من الإقبال عليهن خاصة من الرجال الذين يفضلون الفتيات المثيرات. سبب آخر لتعاطي الفتيات هذه الأدوية وهو خداع الشرطة، لأن السن القانونية للعمل في مجال الجنس في بنجلاديش هو 18 عاما. هذه الأدوية كما يقولون تساعد الفتيات في الحصول على المزيد من العملاء في يوم واحد، حتى يتمكن من كسب ما يكفي من أجل البقاء. تقول حاشي "لقد أجبروني على تناول الأقراص، وضربوني، ومنعوا عني الطعام، وهددوني، وذكروني بقروض علي في بلدي"، مشيرة إلى أن لديها طفل عمره الآن أربعة سنوات يقيم مع بعض الأقارب، وأنها لم تره منذ عامين. وتضيف "في بيوت الدعارة الرجال يبحثون عن الفتيات اللائي يتمتعن بصحة جيدة، وأنا أتناول الأورادكسون لحاجتي للعملاء، حتى أتمكن من دفع الفواتير والقروض، وإذا لم أحصل على أي زبون في يوم أحرم من الطعام في اليوم التالي"، وتستطرد وهي شاردة "أتمنى أن أدخر بعض المال لأبني". قصة "حاشي" هي نفس قصة كل البنات المراهقات اللائي يعملن في مجال الدعارة في كانداربارا. لقد تم بيعهن مقابل أقل من 254 دولارا أميركيا من قبل أسرهن الفقيرة، حيث يتم دفعهن للعمل في تجارة الجنس. تقول الفتيات أنهن يمارسن الجنس مع ما يصل إلى 15 رجلا في اليوم، ولكن أرباحهن وأموالهن تذهب لبيوت الدعارة، التي يقول أصحابها أن عليهن أن يعملن لتسديد الأموال المدفوعة فيهن. ولكن الواقع يؤكد أن العديد من الفتيات يعملن في بيوت الدعارة لسنوات بسبب جهلهن، وعدم وجود أي فكرة لديهن إذا كان قد تم تسديد ديونهن ؟، وماهي حقوقهن؟. أما الفتيات اللائي يكبرن في السن ويبحن غير قادرات على العمل يرفضون ترك المكان، وذلك خوفا من العزلة الاجتماعية التي سيواجهونها في المجتمع، وخاصة المجتمع المسلم خارج كاندابارا. قال ناشطون اجتماعيون أن دواء الأورادكسون الذي تظل الفتيات يتناولنه على المدى الطويل، يمكن أن يسبب مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والطفح الجلدي، والصداع والإدمان، كما أنه يضعف جهاز المناعة، وتذكر تقارير أن بعض العاملات في مجال الجنس يمتن بسبب الإفراط في تعاطي المخدرات. حبوب منع الحمل متاحة بسهولة في هذه الأحياء الفقيرة في كاندابارا، وهي تباع بدون وصفة طبية، بـ 18 سنتا أميركيا للشريط في أكشاك بيع الشاي والسجائر، وممرات المجاري المفتوحة. في عام 2010 بدأت حملة "أكشن بنجلاديش" حملة لتعزيز الوعي بخطورة المخدرات في أوساط العاملات في تجارة الجنس، ولكن أعضاؤها كما يقولون يواجهون صعوبة كبيرة في إقناع ليس فقط بيوت الدعارة، ولكن أيضا السلطات لتنظيم ذلك.