أخر خبر |
علي رمضان
مات أحد رواد المرشدين السياحيين برصاص المجموعة الإرهابية التي هاجمت معبد حتشبسوت عام 1997، ولم تتحرك الدولة آنذاك لتنقذ المرشدين من وابل الرصاص المصوب على السياحة في هذه الآونة، ولم تصرف الدولة تعويضا لأهل المرشد المقتول، وكان اهتمامها الأول حماية السياح مصدر الخير لها، فينقل السائح بالطائرة لأحدث المستشفيات ويمتطي المرشد المصاب أقل الركائب ليعالج نفسه بنفسه من جيبه ومن قوت أولاده.
وتمر الأيام ويسقط مرشد سياحي أصيب بعيار في أحد المراكب السياحية، ليظل عمره الباقي يمشي متكئاً على عصا بعدما فقد نصف قدمه، ويشتعل أتوبيس سياحي بمرشده بعدما انفجر جهاز التكييف به ويموت المرشد محروقاً، ويسقط آخر على رأسه من قطار وادي الملوك فيصاب بنزيف ويموت متأثرا به، وينقلب منذ أيام أتوبيس سياحي لتموت سائحة ويصاب سياح آخرون ينقلون جواً لمستشفى قاهري وينقل المرشد المصاب لمستشفى عام، فما الفارق بين دماء تسيل من المرشد السياحي ودماء تسيل من سائح!؟ وينقلب أتوبيس آخر منذ أيام في سيوة فتموت المرشدة السياحية لتلقى ربها شاكية له ظلم الدولة التي يموت فيها المرشد السياحي فلا يجد من يعوضه ولو بثمن الكفن!
وبالتأكيد يعلم الرئيس مرسي حديث عمر رضى الله عنه: لو عثرت دابة في العراق لسألني الله عنها لم لم تصلح لها الطريق ياعمر؟ ولكن الإهمال والإعراض وجزاء سنمار هو ما يجده المرشد السياحي لدى أجهزة الدولة.. فأين التعويضات التي تصرفها الحكومات المماثلة عن إصابة العمل والموت أثناء العمل؟ هل هذا هو منطق العدالة عند الحكومة؟
ولقاء نقيب المرشدين السياحيين مع معالي وزير السياحة خير دليل على فوقية الحكومة على رعاياها، فالوزير رفض تعويض المرشدين عن خسائرهم التي تكبدوها منذ توقفت السياحة، فالوزير فيما يبدو يعتقد أن المرشد لايزال من أثرياء القوم!
الوزير رفض مطالب المرشدين العاطلين منذ تاريخ الثورة في يناير 2011، والتي تلتمس المعونة بعدما ضاقت الأحوال، وأظلمت الدنيا في عيونهم، ونفد رصيدهم ومدخراتهم، وباعوا مايملكون لتسديد مصروفات الحياة مشتعلة الأسعار بعدما مكثوا عاطلين كل هذه المدة التي أحرقت الأخضر واليابس، فلا وزارة تعينهم ولا مؤسسة تشملهم ولا كائن في الكون ياملهم ولو "بنظرة"، فيتولون بأنفسهم- وقد خففوا العبء عن الحكومة طيلة سنين مضت منذ أن بدأت السياحة في مصر - مصروفات طعامهم وشرابهم وعلاجهم وعلاج أولادهم وتأميناتهم ومعاشاتهم، وكأن المرشدين السياحيين ضيوف على أرض الكنانة!
ووافق الوزير على أمور ثانوية لا تهم المرشد كثيرا، كأن يمثل المرشد في جهات الدعاية للسياحة بالخارج، وتحديد خمس تأشيرات للحج لنقابة المرشدين توزعها عليهم بالقرعة، وهي أمور كما ترى لا تملأ بطناً ولامعدة خاوية، ولن تطعم أبناء المرشدين المنتظرين للفرج. فهل تعامل الوزير مع قضايا المرشدين بما يمليه عليه واجبه كوزير سياسي يدير الأمور بحنكة وخبرة وعدالة فيعيد لهم أجورهم المستباحة التي يدفعها السائح الأجنبي لمكاتب السياحة في الخارج ضمن ما يدفعه من رسوم حجز أجازته في مصر؟ أم تعامل معاليه كمستثمر سياحي خبير بإيجابيات المرشد وسلبياته ويحمل في داخله عاطفة ما تجاه وظيفة المرشد السياحي، والتي صنعها القرب الشديد للمرشد من السائح الأجنبي الذي بيده الرضا أوعدم الرضا عن المنتج السياحي فأورث هذا القرب لدى البعض شيئا في النفس تجاه المرشد؟
الوزير يدفع بالغالي والنفيس كي يستجلب أعداداً وفيرة من السياح، مستخدما مكاتب شتى من كافة الوسائل الإعلامية، وتدريب قطاعات الشباب مهما غلا الثمن وارتفعت تكاليف السفر والإقامة بالخارج، وقبل أن تجني مصر الثمار، يتحدث المرشدون في مواقع التواصل عن ضرورة انتهاء الزواج الكاثوليكي بين نقابة المرشدين ووزارة السياحة، فهي المشرفة على المرشدين إدارياً فقط بينما تقوم بتحصيل رسوم ترخيص العمل وتجديده "دون أدنى مسئولية"، وهذا هو كل ما تقوم به الوزارة للمرشد السياحي، لا تأمين صحي، لا تأمينات، لامعاشات.
فالآن آن للوزير أن يتدخل فوراً لنزع فتيل الغضب قبل أن ينفجر في موسم سياحي لم يبدأ بعد، فقد اشتعل لهيب الغضب بين جموع المرشدين، نقيب المرشدين الذي خرج مكفهراً من مكتب الوزير كان من البديهي أن يدعو الجمعية العمومية لانعقاد طارىء ولكنه أعلن عن إضراب عام عن العمل في الشهر الجاري، وافق عليه البعض ورفضه البعض، وسيضر بالسياحة ويجهز عليها، ويضر بالطبع بالزائر الأجنبي الذي لن يوافق على إفساد أجازته التي ظل طويلا ينتظرها ويحلم بها، كما سارع وكيل النقابة بالاستقالة بسبب إعراض الحكومة عن طلبات المرشد المكلوم، وتهاونها في حقوقه واحدا تلو الآخر.. ومطالبا باستقلال النقابة عن الوزارة، وكان يجب عليه ألا يستقيل، فقد انتخب ليطالب ويطالب ويطالب، وما ضاع حق وراءه مطالب.
سعى الوزير للنهوض بالسياحة وتحقيق ذاته بالوصول بها لمستوى مميز يرتبط بعدالته ونزاهته في حل مشاكل أفراد جيشه، وأولهم المرشدين، وهو ملف أضعه على مكتبه، وأهمس في أذن الوزير بأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، فالحوار والاحتواء خير من الاستبداد بالرأي والتجاهل، وماكتبه إحسان عبد القدوس في الستينات في قصته الشهيرة "إضراب الشحاتين" عن لقاء الوزير مع المتسولين وماقدمه لهم من إفطار شهي في شهر رمضان، لتغلق الوليمة أفواههم عن الشكوى فأعرضوا عن إضرابهم .. كان مجرد مشهدا في رواية، ولكن الحقيقة مغايرة تماما.
المرشدون يموتون برصاص الإرهاب وهم يحكون للسياح عن مجد مصر وعزتها، يموتون في حوادث الطرق ويدهم ممسكة بميكرفون يتكلمون فيه عن آلهة العدالة التي ابتدعها المصريون، يموتون وهم يعملون صيفا وشتاءا، قيظا وزمهريرا، يحتملون ثقل المهمة وغيظها وكيدها ومكائدها.. ولكنهم لن يموتون جوعى!
هولندا .. عملاء الإخوان يحاولون الاعتداء على المفتي |
روبرت فيسك : محاكمة مرسي |
أنجلينا جولي تتصدر النجمات الأعلى دخلا |
تطبيق جديد على الآي فون يرسل العطور |
الإفراج عن المعتقلين اختبار مبكر للرئيس مرسي |
لا توجد تعليقات مضافة